لا تنفك أجهزة أمن السلطة الفلسطينية عن ممارسة الاعتقالات السياسية بحق طلبة الجامعات بالضفة الغربية المحتلة، لا سيَّما طلبة الكتلة الإسلامية، وذلك ضمن سياسة "تكميم الأفواه" والتضييق عليهم، ومنعهم من الإدلاء بآرائهم السياسية.
ومع تواصل هذا النهج منذ أكثر من عقد، يعتصم طلبة الكتلة الإسلامية داخل أسوار جامعة بيرزيت منذ خمسة أيام على التوالي؛ رفضًا للاعتقال السياسي، وللمطالبة بالإفراج عن زميلهم الناشط الطلابي والأسير المحرر محمد ناصر (27 عاما).
واختطف عناصر من أجهزة أمن السلطة، بزي مدني، قبل أسبوع، الناشط في الكتلة "ناصر" من أمام موقف الجامعة، وأبقى جهاز "المخابرات" نبأ اعتقاله طي الكتمان عن أهله حتى عرفوا بذلك في وقت متأخر من ليلة اختطافه.
ويشار إلى أن الطالب ناصر، كان قد أمضى 5 أعوام في سجون الاحتلال، واعتقل قبلها لأربعة أشهر في سجن "الجنيد" التابع لمخابرات السلطة، ما أعاق انتظام دراسته في جامعة النجاح حينها.
وتزامنًا مع اعتقال ناصر وتواصل الاعتصام، اعتقلت أجهزة أمن السلطة الطالبين في جامعة الخليل ليث عصافرة ومثنى القواسمي.
وأوضحت الناشطة في الكتلة الإسلامية بجامعة بير زيت شذا حسن، أن بداية الاعتصام كانت من طالبين في الكتلة، وذلك بالمبيت داخل حرم الجامعة دون الإفصاح عن ذلك للعلن؛ من أجل الضغط على إدارتها للتدخل وضمان حريات الطلبة.
وقالت شذا في حديث لصحيفة "فلسطين": "بعد حوارات مع إدارة الجامعة ولعدم تعاونها بالشكل المطلوب أعلن طلبة الكتلة عن الاعتصام"، مشيرةً إلى أن الإدارة رفضت إعطاءهم غرفة للمبيت لحماية أنفسهم من البرد.
وبيّنت أن الاعتصام يهدف لتشكيل ضغط جماهيري يضمن التدخل للإفراج عن الطالب "ناصر" ولضمان حرية العمل النقابي الطلابي بشكل طبيعي.
وشددت على أن نهج الاعتقال السياسي لأبناء الكتلة الإسلامية لا يزال مستمرًا منذ سنوات عديدة، "بهدف إزاحتها عن المشهد والحد من تأثيرها في العمل النقابي الطلابي"، واصفة تلك السياسة بـ"الظالمة".
وأشارت إلى أن أجهزة أمن السلطة تحاول من خلال هذه السياسة ردع أبناء الكتلة، منتقدة لا مبالاة إدارة الجامعة بها، وعدم إنصاف الطلبة أمام تغول السلطة عليهم.
تعزيز الانقسام
بدوره أكد منسق القطب اليساري في جامعة بير زيت باسل البرغوثي رفضه التام لاستمرار سياسة الاعتقال السياسي وملاحقة الطلبة، مبديًا تضامنه الكامل مع طلبة الكتلة المعتصمين في الجامعة.
وعدّ البرغوثي في حديث لـ"فلسطين"، استمرار الاعتقال السياسي "تعزيزًا للانقسام داخل المجتمع الفلسطيني"، مشيرًا إلى أن القطب اليساري سيصدر بيانًا خلال اليومين القادمين يستنكر استمرار تلك السياسة.
وبيّن أن السلطة تضييق على الطلبة لحصر أنشطتهم ومبادراتهم ومواقفهم السياسية إمعانًا في سياسة "تكتيم الأفواه"، مطالبا إدارة الجامعة بالتدخل وعدم التقاعس عن حماية الطلبة بمواجهة الاعتقال السياسي.
وذكر البرغوثي، أن القطب اليساري حاول التوسط بين الكتلة الإسلامية وإدارة الجامعة، من أجل منح المعتصمين غرفة للمبيت، إلا أن ذلك قوبل "بالرفض التام".
وأشار إلى أن طلبة الكتلة يعتصمون داخل مبنى رئاسة الجامعة رفضًا للاعتقالات السياسية، وإسنادًا لزميلهم محمد ناصر.
وشارك المئات من طلبة بيرزيت، أمس، في وقفة حاشدة طالبت السلطة بالتوقف عن اعتقال الطلبة سياسيَّا ومنحهم الحرية التي كفلها القانون الأساسي للتعبير عن آرائهم وأفكارهم.
وبيّن البرغوثي، أن الوقفة دعت إليها مجموعات شبابية لمطالبة إدارة الجامعة باتخاذ موقفٍ من الاعتقالات السياسية ومغادرة مربع الصمت.
ولفت إلى أنه وبالرغم من المشاركة الكبيرة في الوقفة، إلا أن إدارة الجامعة لا تزال متمسكة بموقفها ولم تحرك ساكناً.