فلسطين أون لاين

مؤسسات المجتمع المدني تدعو السلطة للتراجع عن قرار حجب المواقع الإعلامية

...
رام الله- فلسطين أون لاين

دعت مجموعة من مؤسسات العمل المدني والحقوقي في فلسطين السلطة الفلسطينية إلى التراجع عن قرار حجب المواقع الالكترونية.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في رام الله وسط الضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، بمشاركة المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) بالتعاون مع تلفزيون وطن، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والمجلس الفلسطيني لمنظمات حقوق الإنسان، وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية والهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال).

وأكد المشاركون على ضرورة تراجع محكمة الصلح برام الله عن قرارها إغلاق عشرات المواقع الالكترونية، والذي يشكل انتهاكًا خطيرًا لحرية الصحافة والتعبير، ويمس بالحريات الصحفية العامة.

وكانت محكمة صلح رام الله برئاسة القاضي محمد حسين قد أصدرت قرارًا يوم أمس بحجب 49 موقعًا إلكترونيًا فلسطينيًا بذريعة إقدام هذه المواقع على نشر صور ومقالات ووضع عبارات "تهدد الأمن القومي والسلم الأهلي والإخلال بالنظام العام والآداب العامة وإثارة الرأي العام الفلسطيني"، وجاء هذا الحجب بالاستناد لنص المادة 39 فقرة 2 من القرار بقانون بشأن الجرائم الالكترونية رقم 10 لسنة 2018.

وأشار مدير عام المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) موسى الريماوي إلى أن هذا القرار جاء في خضم الحملة التي أطلقها مركز مدى للتعريف بالحقوق الرقمية والدفاع عنها، والجهود المبذولة مع مؤسسات المجتمع المدني لمواجهة سياسة "فيسبوك" بإغلاق وحجب مواقع إعلامية فلسطينية.

ليس القرار الأول

ونبه إلى أن هذا هو القرار الثاني خلال سنتين حيث صدر قرار مشابه من النيابة العامة خلال عام 2017 بحجب 29 موقعًا الكترونيًا ولم يتم التراجع عنه حتى الآن.

وطالب الريماوي بوقف هذا القرار الذي يتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني ويتعارض مع جميع المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها فلسطين.

وشدد على ضرورة مواءمة القوانين الفلسطينية مع القوانين والتشريعات الدولية وعلى الأخص قانون الجرائم الالكترونية الذي استندت عليه محكمة الصلح في قرارها، وضرورة العمل على إقرار قانون حق الحصول على المعلومات وتهيئة البيئة القانونية في مجملها صونا لحرية التعبير وحماية الصحفيين.

ودعا الريماوي لضرورة الإسراع بتشكيل التحالف المدني لحماية حرية التعبير والحقوق الرقمية من أجل توحيد الجهود لمواجهة التحديات في هذا المجال، والذي سيتم الإعلان عن تشكيله قريبًا.

ودعا المؤسسات الإعلامية الفلسطينية للتوقيع على ميثاق نبذ الكراهية الذي وقعت عليه 21 مؤسسة إعلامية فلسطينية خلال الأشهر السابقة في إطار جهود مركز مدى لمواجهة خطاب الكراهية.

من جهته، دعا عصام العاروري الذي تحدث باسم الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إلى ضرورة التراجع عن هذا القرار خدمة للواقع الفلسطيني وخدمة لمشروع الاستقلال وتحقيقا للمصلحة الوطنية العليا.

وأشار إلى أن الهيئة تقدمت صباح اليوم بطلب لمحكمة صلح رام الله للتراجع عن قرارها بحجب المواقع بموجب توكيل موقع عن "موقع الترا فلسطين".

عرقلة العملية السياسية

وبين العاروري ضرورة مراجعة القرار بقانون للجرائم الالكترونية الذي احتوى على عديد المواد المتعارضة مع القانون الأساسي الفلسطيني ومع حرية التعبير، كالمادة 29 والمادة 39 التي تتعارض مع قرار مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

ولفت إلى أن صدور مثل هذا القرار القاضي بحجب المواقع من شأنه عرقلة سير العملية السياسية حيث يجري الحديث بشكل جدي عن عقد انتخابات رئاسية وتشريعية قريبًا.

من جانبه، طالب محمود الإفرنجي ممثل المجلس الفلسطيني لمنظمات حقوق الإنسان من مجلس القضاء الفلسطيني والنيابة العامة باحترام حق المواطنين كافة في الوصول إلى المعلومات وصون حقهم الأصيل في التعبير عن آرائهم.

كما طالب بوقف العمل بقانون الجرائم الالكترونية لحين تعديله والنظر في المصطلحات الفضفاضة الواردة في بعض بنوده والتي لا يمكن لأي جهة تفسيرها أو بيان حدودها زمانيا ولا مكانيا وشطبها.

مخالفة دستورية واضحة

وأوضح أن مجلس منظمات حقوق الإنسان يرى في قرار الحجب أسلوبا سافرا في انتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، مع الإشارة لسهولة وصول المواطنين إلى المواقع المحجوبة في ظل التطورات التكنولوجية الهائلة من خلال برامج تقنية متطورة.

وأكد الافرنجي أن في قرار المحكمة مخالفة دستورية واضحة لنص المادة 19 والمادة 27 من القانون الأساسي الفلسطيني.

وأشار ماجد العاروري مدير مؤسسة استقلال إلى الحالة التي من الممكن أن تغلق فيها مثل هذه المواقع وعلاقتها بالنظام العام والأمن القومي والآداب العامة.

ونبه إلى أن الحكومة هي من يقرر الحاجة لوجود إجراءات استثنائية فيما يخص هذه المصطلحات، وبالتالي فإن القرار الصادر عن محكمة الصلح بغير مكانه ولم يستند لأي مبررات لا قانونية ولا غيرها.

وبين أن قانون الجرائم الالكترونية قد أشار إلى أنه يتوجب إبراز مذكرات توضيحية عند تقديم مثل هذه الطلبات من النيابة العامة تبرر هذه الخطوة، ما يدل على أن هذا القرار لم يخضع للتدقيق ولا لما يبرر مثل هذا الإجراء، ويتوجب على المحكمة التي أصدرته التراجع عن هذا القرار وإلغاءه وعودة جميع المواقع للعمل فورًا.

وأشار العاروري أن هذا القرار هو في منتهى الخطورة لأنه يشكل مسًا بالحريات الصحفية وباستقلال السلطة القضائية التي ننادي بحمايتها، لأنه جاء بتوصيات من جهات الضبط القضائي – أي الأجهزة الأمنية - ونحن بحاجة لتعزيز استقلالية القضاء لتصل لجميع المستويات للوصول لقضاء مستقل ومحصن.