قائمة الموقع

"الأمثال الشعبية".. بين التأييد والمخالفة في العقيدة

2019-10-19T16:58:39+03:00
صورة أرشيفية

تُقال في مناسبةٍ ما، وتُطابق تجارب مماثلة للواقع، تُعبر عن الواقعية، وعن عبقرية الشعب الفلسطيني، سريعة الانتشار والتداول بين الناس، فهي ليست مجرد كلمات محبوكة أو مسجوعه بل هي في حقيقة الأمر تكشف عن ثقافة وفلسفة الحياة؛ إنها الأمثال الشعبية.

"إن غاب القط العب يا فار، شحاد وبتشرط، الطويل في السما نجمة والقصير في الأرض فجلة، إيش صبرك عالمر قال الأمر منو"، تتنوع معاني هذه الأمثال الشعبية بين مثل وآخر، فمنها ما يتوافق مع العقيدة الإسلامية ومنها ما يخالفها.

الأمثال الشعبية، تبدو فيها نظرات إلى الحياة مذهباً وسلوكاً فهي تكشف عن جوانب شتى في حياة الأمم، من عاداتٍ وتقاليد يسلُكها المجتمع، من ناحيةٍ دينية وعقائدية، هذا ما بدأ به أستاذ الفقه وأصوله في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الأقصى د. بسام العف حديثه لصحيفة "فلسطين".

وقال العف الذي يترأس لجنة الإفتاء في جامعة الأقصى: "إن هناك أمثال شعبية تتوافق مع العقيدة الإسلامية، فهي لا تخالف أصولاً في العقيدة إنما تؤكد أو تتجه مع العقائد التي تحث عليها".

وأضاف "من الأمثال الموافقة (يلي بحبه ربه يحبب فيه خلقه)، هذا المَثل ينسجم مع حديث النبي" إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض"، فهذا المثل يُعبر عن قيمة في قلوب وعقيدة المسلمين.

ويُتابع العف في ذكر الأمثال الموافقة للعقيدة، (ما بياخد الروح إلا خالقها)، فهذا المثل يتوافق مع قوله تعالى" والله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت"، أما عن المحافظة على الصلاة والتحذير من تركها يأتي المثل يلي بقول (جاك الموت يا تارك الصلاة)، موافقاً لقوله "ويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر".

وهناك مَثَل مشهور في غزة (اعمل يلي عليك والباقي على الله)، ويتوافق مع قوله تعالى" ومن يتوكل على الله فهو حسبه " وموافق لحديث "لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقَكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً".

ويُكمل العف حديثه، مثلاً هناك أمثال تتحدث عن القيم الأخلاقية التي تتضمنها الأمثلة الشعبية تتمثل بمثل(امشي عدل يحتار عدوك فيه)، فهذا المثل يدل على الاستقامة والقرآن يُرغب بالاستقامة لقوله تعالى "وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً".

و من الأمثال الشعبية يذكر العف، (أصل الكفر عناد) فهويتفق مع قول الله تعالى" فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين، وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً فانظر كيف كان عاقبة المفسدين" ومثال الصبر على الشدائد (الصابرون على خير) يتفق مع التوجيه القرآني "يا أيها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين".

و من أمثال الحث على التعاون (الأيد على أيد رحمة)، وهذا يتفق مع القرآن" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"،ومثل (التقوى أقوى) فهذا يتفق مع قوله "يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمين".

ويُبين العف، أن هناك أمثال شعبية تخالف العقيدة، ولا بد أن تكون موافقة مما جاءت به خاصة في جانب العقيدة،وألا تخالف الأوامر الصحيحة التي جاء بها القرآن فمثلاً ( الصبر بودي القبر) هذا المثل يتناقض مع القرآن "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".

(الأخذ حلو والعطاء مر) يخالف مع قول الله "والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصا"، مُضيفاً من الأمثال المشهورة لدينا مثل(استكبرها ولو عجرة)، فهو يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم "العمل من هدا إلى الإسلام ورزق الجفاف وقنع به".

ويوضح العف أن هناك أمثال تتحدث عن الأخلاق تتعارض مع العقيدة الإسلامية مثل( الحياء في الرجل يورث الفقر)، وهذا يتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم" الإيمان بضعٌ وستون شعبة والحياءُ شعبة من الإيمان"، ومثل(الكذب ملة الرجال)، فهو يتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم:" أيكون المؤمن كاذباً، قال: لا".

ويذكر بعض من الأمثال في المجال الاقتصادي (اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، فهذا يتنافى مع التحذير الوارد في القرآن، "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين"، والمبالغة في تقذيف المال (معك فلوس كل شيء بدوس) وهو مخالف لما حذر منه القرآن، "واعلموا أن أموالكم وأولادكم فتنة".

وهناك مثال مشهور لدينا، (الشراد تُلتين المراجل) فهو يتناقض مع التوجيه القرآني "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار"، فهذه بعض من الأمثال الشعبية التي تخالف الشريعة والدعوة ولا يجوز التعاطي معها.

ويختتم العف حديثه، أن طرق علاج الخطأ العقائدي الموجود، ومنع تداول مثل هذه الأمثال بين الناس يكمن في الوعي الديني والاهتمام بالثقافة الدينية بخصوص العقيدة والأخلاق، ولا بد أن يكون رب الأسرة في البيت لديه وعي، وعدم تناول مثل هذه الأمثال أمام الأطفال لكي لايتداولونها.

ويذكر أن سبب تداول مثل هذه الأمثال المخالفة، هو الجهل بمبادئ الشريعة والعقيدة والأخلاق، مُطالباً برفع الجهل عن أنفسنا عن طريق الاهتمام بالجانب التثقيفي والتوعية، بدءًا من الأسرة والمدرسة، إضافةً إلى دور وزارة الأوقاف في المساجد، وعمل ندوات بهذا الشأن لرفع هذا الجهل.

اخبار ذات صلة