يوافق اليوم الـ 18 من أكتوبر/ تشرين أول، الذكرى الثامنة لصفقة "وفاء الأحرار"، التي تعد واحدة من أضخم عملية لتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية، والاحتلال الإسرائيلي، التي تجري على مدار تاريخ الصراع.
وأفرج الاحتلال بموجب الصفقة عن 1027 أسيرا فلسطينيا تم إطلاق سراحهم على دفعتين، مقابل الإفراج عن الجندي الأسير جلعاد شاليط الذي أُسر خمس سنوات لدى كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس.
واستطاعت المقاومة إخفاء الجندي شاليط حيًّا على مدار تلك السنوات ليرغم الاحتلال على عقد صفقة لتبادل الأسرى مقابل استعادته.
وجاء الاعلان عن الصفقة على لسان رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس السابق خالد مشعل آنذاك في تاريخ 11 من أكتوبر/ تشرين أول 2011م، بعد مفاوضات مُضنية تدخل فيها أكثر من وسيط خارجي، إلا أن الوسيط المصري نجح في إتمام الصفقة، لتتم عملية التبادل على مرحلتين.
وأُنجزت المرحلة الأولى من صفقة "وفاء الأحرار" في الثامن عشر من أكتوبر بالإفراج عن 450 أسيراً، إضافة إلى جميع الأسيرات وعددهن 27 أسيرة، بينهن 5 أسيرات محكوم عليهن بالسجن المؤبد، مقابل إطلاق المقاومة سراح الجندي الإسرائيلي شاليط.
ومن بين العدد الإجمالي للمفرج عنهم في المرحلة الأولى 315 أسيراً من المحكومين بالمؤبد حُكموا بالسجن ما مجموعه 92 ألف سنة، حكموا بها إثر عمليات بطولية نتج عنها مقتل 1120 جندياً ومستوطناً.
في حين جاءت المرحلة الثانية في الثامن عشر من ديسمبر/ كانون أول، وأُفرج خلالها عن 550 أسيراً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية محكومين بما يقدر بـ 2300 سنة، وقد اشترطت المقاومة أن يكون الأسرى المفرج عنهم في المرحلة الثانية من المحكومين على خلفية وطنية أو أمنية وليست جنائية، وألا يكونوا من الأسرى الذين أوشكت مدة سجنهم على الانتهاء.
وتُعد صفقة "وفاء الأحرار" إنجازًا تاريخيًا للمقاومة الفلسطينية، ورسمت لوحة وطنية مشرقة، إذ شملت قيادات فلسطينية تقضي محكوميات عالية في السجون الإسرائيلية تصل إلى 745 عامًا، كما أنها تضمنت الإفراج عن أقدم أسير وأسرى من مختلف ألوان الطيف الفلسطيني.
وقد بدأت تفاصيل الحكاية عندما أغار مجاهدو كتائب القسام وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام، على موقع "كرم أبو سالم" العسكري شرق رفح، فجر الأحد 25 من يونيو/ حزيران 2006م، موقعين جنود الاحتلال بين قتيل وجريح، فيما انسحبوا وفي يدهم "شاليط"، بعد ارتقاء شهيدين في صفوفهم هم محمد فروانة وحامد الرنتيسي.
ونفَّذت العملية بمهارة وتقنيّة عسكريّة عالية المستوى تخطيطًا وأداءً في أقلّ من 15 دقيقة في الموقع العسكري الإسرائيلي شرق رفح.
وعلى إثر العملية، أسست كتائب القسام وحدة الظل عام 2006م، لتكون الوحدة السرية المكلفة بإخفاء شاليط والاحتفاظ به داخل قطاع غزة، وتصبح واحدة من أهم الوحدات العاملة في الكتائب، فيما كشفت كتائب القسام وبقرار مباشر من قائدها العام محمد الضيف في يناير عام 2016م عن وحدة الظل المكلفة بتأمين الأسرى "الإسرائيليين" الذين تأسرهم الكتائب.
ونشرت كتائب القسام أسماء من الوحدة الذين شاركوا في الحفاظ على الجندي "شاليط" وقضوا شهداء، وهم القادة والشهداء الميدانيون: (سامي الحمايدة، وعبد الله علي لبد، وخالد أبو بكرة، ومحمد رشيد داود، وعبد الرحمن المباشر، بالإضافة إلى الدور الريادي للقائدين الشهيدين محمد أبو شمالة ورائد العطار).
وفي المقابل على مدار سنوات فترة احتجاز المقاومة لشاليط، فشل الاحتلال الإسرائيلي بكل أدواته وأجهزته الاستخبارية في الوصول إلى أي معلومة أو طرف خيط حول مكانه، وتمكنت المقاومة رغم سنوات الصبر، من الانتصار على الاحتلال وكسر لاءاته التي كانت تتعلق بعدم الإفراج عن القدامى والمؤبدات وبعض الأسيرات، وتحقيق شروطها التي تمسكت بها.
ومع تجدد ذكرى الصفقة اليوم، تتجدد الآمال الفلسطينية العريضة في تنفيذ كتائب القسام صفقة جديدة على غرار صفقة "وفاء الأحرار" سيما وأنها أعلنت صيف العام 2014 أسر أرون شاؤول خلال العدوان الإسرائيلي الواسع.
ولمحت القسام مرارًا إلى صندوق أسود لديها وبشرت الشعب الفلسطيني في عدة مناسبات بقرب النصر للأسرى في سجون الاحتلال، فيما وضعت على خلفية ناطقها العسكري صورة لأربعة جنود بينهم "شاؤول" قالت إنها: "لن تقدم معلوماتٍ حولهم دون ثمن".