فلسطين أون لاين

​البطاقات الشرائية.. حل "للأزمات" أم مضيعة للمال؟

...
مهمة البطاقة أن تمكن حاملها من الشراء من محلات تجارية معينة
غزة/ هدى الدلو:

بمجرد أن طرحت الشركة فكرة بطاقات شرائية بمبلغ مالي محدد، وافق على الاشتراك، على أن يخصم المبلغ الذي يشتري به عند صرف الراتب الشهري؛ هذا كان قرار جمال عيسى (36 عامًا)، الذي يعمل في شركة خاصة، لكن هل ينصح غيره بهذه التجربة؟

ومع الصعوبات الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بقطاع غزة بسبب الاحتلال والحصار وعقوبات السلطة في رام الله، تلجأ بعض الشركات حتى البنوك إلى تقديم عروض لموظفيها، لمساعدتهم على تلبية احتياجاتهم -إذا ما تأخر صرف الراتب- بالبطاقات الشرائية.

ويقول عيسى، الأب لخمسة أبناء: "اتفقت مع زوجتي على عدم استخدامها إلا للأمور الضرورية، التي لا يمكن تأجيلها حتى موعد الحصول على الراتب، لكن وجدت أن الأمر يخرج عن نطاق سيطرتي، فبمجرد الدخول إلى "المول" الذي يتعامل مع هذه البطاقة نفقد سيطرتنا، ونشتري الأساسي والثانوي".

ويوضح أنه حاول مرارًا تقليص مصروفاته، لكن دون فائدة، فينطبق على حاله شهريًّا المثل الشعبي: "رجعت ريما لعادتها القديمة".

أما الغزي محمد جبريل فيلقي باللوم على "سوء استخدام" بعض البطاقات الشرائية، التي يصفها بأنها "منقذة لصاحبها في الظروف الصعبة ومتى تأخر الراتب"، مبينًا في الوقت نفسه أن التسهيلات التي تقدمها تلك البطاقات تغري حاملها، وقد تجعله يغرق في دوامة الديون لا شعوريًّا.

ويذكر جبريل في حديث إلى صحيفة "فلسطين" أن البطاقة الشرائية أنقذته في بداية العام الدراسي عندما تأخر راتبه، فاشترى مستلزمات أبنائه المدرسية من طريقها، على أساس أن ذلك لا يحتمل التأجيل.

لكن الموظفة هالة مسعود التي تعيل أسرتها بعد أن فقد زوجها عمله تقول: "إنني رفضت اقتناء بطاقة شرائية"، معللة ذلك بأن البطاقة قد تدفعها وعائلتها إلى التمادي في المصاريف، سواء أكان ذلك لحاجة ضرورية أم كان لشيء ثانوي.

وتبين مسعود لصحيفة "فلسطين" أن قرارها هذا يحد من مصاريفها ومشترياتها، ويدفعها إلى شراء ما هو ضروري فقط وعلى قدر المال الذي تملكه.

"سلاح ذو حدين"

من جهته يقول الاختصاصي الاقتصادي د. ماهر الطباع: "البطاقات الشرائية التي تصدرها البنوك أو بعض الشركات هي بالأساس لتسهيل العملية الشرائية، والتخلص من الأزمة المالية التي يعانيها بعض بسبب تأخر صرف الرواتب، أو أن هذه البطاقات تسمح لحاملها بالتقسيط بدلًا من الدفع النقدي".

ويوضح الطباع لصحيفة "فلسطين" أن مهمة البطاقة أن تمكن حاملها من الشراء من محلات تجارية معينة دون أموال نقدية، كالسلع الغذائية أو التكميلية، ويُخصم المبلغ الذي اشتري به بعمليات إلكترونية، من حساب الشخص أو من راتبه الشهري.

وبناء على ذلك يصف هذه البطاقات بأنها "سلاح ذو حدين" لحاملها، لافتًا إلى أن الأمر يعتمد على أن تكون هناك حالة من الإدراك والوعي لآلية استخدامها، وأن يكون ذلك مرهونًا بالاحتياج الأساسي، وألا تستخدم للاحتياجات الترفيهية.

ويطرح مثالًا: لو أراد شخص شراء شاشة تلفاز بمبلغ ألف شيقل، فإنه سيضطر للشراء وفق المستطاع والمبلغ الذي معه، أما في حال أراد الشراء على البطاقة فسيختار مواصفات عالية يفوق سعرها المبلغ الذي معه وقدرته، بحجة أن السداد بالتقسيط.

ويقول الطباع: "سبب الأزمة في هذه البطاقات يرجع لاستخدامها بطريقة سيئة، وشراء احتياجات تفوق قدرات الشخص وطاقاته، أما الإيجابيات فإنها لا تدفع الشخص لحمل الكثير من المال، إلى جانب أنها تنقذه من أزمة مالية يمر بها أحيانًا".

وينصح حاملي البطاقات الشرائية بأن يكونوا على وعي كاف عند التعامل مع هذه البطاقات التي توفر حلًّا في الأزمات الطارئة، وأن يستخدموها وفق الاحتياجات الأساسية والقدرة الشرائية، حتى لا تصبح دمارًا لحاملها ومضيعة للمال.