ماذا تعني زيارة محمد اشتية لمصر ومعه وفد كبير من الوزراء والمسئولين؟! الجواب في نظري يكمن في قضيتين: الأولى أن العلاقة بين مصر والسلطة يعتورها كثير من المشاكل، وهي مشاكل لها امتداد في دبي، والرياض، وفي صفقة القرن. لم تحتفل مصر بزيارة عباس مؤخرا، ولم يلتق عباس السيسي في الأمم المتحدة، ولم تستجب مصر لرؤية عباس في الانقسام والمصالحة.
إن كان الأمر كذلك، وأظنه كذلك، فإن الزيارة تستهدف في الأساس ترميم العلاقة مع مصر، والاستجابة لبعض الشروط المصرية، والعربية، لا سيما بعد أن أعرض العرب عن توفير شبكة أمان مالية لعباس؟!
والثانية أن عباس واشتيه يريدان استكمال حصار حماس من خلال تطوير العلاقات الاقتصادية للسلطة مع مصر. ومقترح اشتية في هذا الإطار أن تقوم مصر بإدخال البضائع إلى غزة والضفة من خلال معبر رفح، على أن تقوم مصر بتحصيل الضريبة على البضائع الداخلة لصالح السلطة. أو أن تسمح مصر بإقامة مواقع جمركية للسلطة في معبر رفح لتحصيل الضرائب على البضائع الداخلة لغزة والضفة. ويمكن تغطية هذا بستار وطني هو الزعم بالانفكاك التدريجي عن الاقتصاد الإسرائيلي؟!.
هذه المقترحات تستهدف تعميق حصار السلطة وإسرائيل غزة، وحرمان حماس من العائد الضريبي الذي تنفقه على رواتب الموظفين وإن كان بنسبة 40%من قيمة الراتب. إذا صحّ هذا القول، فيمكن القول بأننا أمام زيارة شريرة، لا تنتمي لمفهوم الوطنية بحال من الأحوال. عباس واشتية يقاتلان حماس ولا يقاتلان نيتنياهو، لذا أحدثا مؤخرا تقاربا وتفاهما مع نيتنياهو حول الأموال؟!
ويبقى السؤال عن تلطرف الأخر، هل توجه اشتية هذا يحظى بموافقة مصرية؟! وهل حصل اشتية على إذن من حكومة نيتنياهو؟! وهل العلاقة الحالية الفاترة مع مصر تسمح بهذا المشروع في الزمن القريب؟! وماذا ستقدم السلطة للآخرين من أجل النجاح؟! إن الإجابة على هذه الأسئلة تحتاج لمزيد من الوقت والمتابعة، ولكن أكاد أجزم أن مصر لن تلقي ورقة حماس على الأرض، لا سيما وأن التفاهمات بينهما تجاوزت فيما اعتقد المعبر والتجارة؟!
مصر لها حساباتها، كما وإن (لإسرائيل)، وليس كل ما يعلن يتحقق، والأيام دول، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. دعونا ننتظر، وندعو الله أن يحفظ غزة وتجارتها من الماكرين. وصدق الله العظيم :ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ .