فلسطين أون لاين

​النشاط التركي في القدس.. استهداف إسرائيلي بدأ منذ أشهر !

...
صورة أرشيفية
رام الله/ محمد القيق:

تمهيد إعلامي بدأته سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ عدة أشهر، تسلط فيه الضوء على نشاط تركي في القدس المحتلة، رابطةً أنشطة اجتماعية بأخرى سياسية بثالثة دينية، مشكّلة فيلمًا يظهر أن تركيا داعمة "للإرهاب".

جاء ذلك بعد سنوات ثلاث من حظر الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948 بقيادة الشيخ رائد صلاح، الأمر الذي بنى الاحتلال من خلاله كل ديباجاته التمهيدية على أنه ثمة علاقة ما بين تركيا والحركة المحظورة والتوتر في المسجد الأقصى، ليكون هذا الشعار مدعاة لشطب كل دعم وحتى إسناد معنوي لأهل القدس، في إطار التهويد المستمر للمدينة المحتلة.

ولا يمكن إنكار جوهر العلاقة التاريخية التي تربط تركيا بالقدس المحتلة، فمنذ عقود يرتبط اسمها بالمدينة المقدسة التي تعاني تحت الاحتلال وتتعرض لحرب عنصرية تهويدية شرسة، حيث حاولت مؤسسات تركية النهوض بصمود المقدسيين وتشجيعهم على البقاء، وهو بالذات ما لا يريده الاحتلال فيها.

المواطن المقدسي حمادة أبو صبيح، يقول إن العلاقة الأصيلة بين تركيا والقدس تحتم عليها مساندة أهلها ودعمهم بكل ما يلزم لصمودهم، وهذا ليس له علاقة بالإرهاب، فالإرهاب هو أن تمنع الناس من أرضهم ومسجدهم وتقتلعهم من جذورهم كما يفعل الاحتلال.

ويرى أبو صبيح في حديث لصحيفة "فلسطين"، أنه من الأولى حجب مليارات الدولارات التي تأتي للقدس لقتل الشباب الفلسطيني وهدم المنازل، وبناء المستوطنات مكانها عبر المؤسسات الصهيونية الدولية الداعمة للاحتلال.

أما المقدسية سمر عودة، فتقول: "إذا عدنا لبديهات القضية، فإن القدس باعتراف كل العالم تقع تحت الاحتلال الذي ليس من حق حجب العالم عن مدينة مقدسة تعد الأهم والأكثر حساسية لكل الديانات".

وتعتبر عودة في حديث لـ"فلسطين" قرارات الاحتلال بحق داعمي القدس عنصرية، موضحة أن جل المشاريع التركية تخدم المسجد الأقصى، وأن منعها يعني التضييق على المسلمين وهذا خلافا لما ينشره الاحتلال لتحسين صورته.

الإرث العثماني

بدوره يرى الخبير المقدسي في شؤون الاستيطان جمال عمرو، أن واحدا من أوجه الظلم على المقدسيين هو قطع أي حبل سري يشكل دعما لصمودهم ورافعة لهم، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوجه صفعة تلو الأخرى للاحتلال وللدول التي تدور في فلكه، مشيرا إلى رفعه خريطة فلسطين التي تآكلت وتقلصت بفعل الاستيطان، خلال خطابه بالأمم المتحدة.

وقال عمرو لـ"فلسطين" إن أردوغان يشكل شوكة في حلوقهم وهم يستنصرون عليه الآن ببعض حكام الأنظمة العربية، مضيفا أن الأتراك يحبون القدس والشيخ صلاح وهذا ليس سرا.

ولفت إلى أن تركيا "كانت مستنقعا للموساد والتنسيق الأمني مع الاحتلال حتى وقت قريب، ولولا فوز أردوغان وفريقه لبقيت تركيا مستنقعا صهيونيا بامتياز"، مبينا أن الأتراك بدؤوا بالعودة إلى الحضن العربي وهم أكثر التصاقا بالشعوب، وأكثر الشعوب محبة لهم الشعب الفلسطيني وخاصة المقدسيين.

ويضيف "القدس كنز معماري وهي تركية الطابع، حيث إن الخليفة العثماني سليمان القانوني هو أول من بنى سور القدس ومعظمها بناء عثماني، لهذا السبب لديهم تعاطف تجاه القدس، وهم شكلوا لجانا ومؤسسات لترميم أي أثر تركي لو كان في أي دولة، والآن هم الأكثر تعاطفا مع القدس وهذا شيء واضح وعلني".

وتابع "شكل الأتراك جمعية ميراثنا التي قامت بدور إيجابي جدا في مقبرة باب الرحمة واليوسفية وأماكن أخرى، وعملوا على ترميم مدارس في البلدة القديمة ومبان تاريخية ومساجد، ودعم المدارس والتعليم، وبسبب ذلك بدأ الاحتلال بإخراج منظمة تيكا التركية عن القانون واعتبارها منظمة إرهابية، حيث رأى أن لها علاقة بأحداث مرمرة، ثم ذهب إلى حظر منظمات أصغر".

ويعتبر عمرو أن الأمور متجهة نحو الاصطدام بين العثمانيين الجدد والاحتلال "لكن ليس بالضرورة أن يكون قريبا؛ وذلك لأن العثمانيين مصرون على القيام بواجبهم والاحتلال يصر على قطعهم عن القدس".

وأشار إلى مواصلة الاحتلال التضييق على السياح الأتراك حين يزورون المسجد الأقصى، واعتقال بعضهم "لكن في المقابل بسبب دعوات التطبيع، فالسياح العرب يتوجهون نحو (تل أبيب) وليس للقدس".

وبين أن الاحتلال يقمع كذلك المهندسين المقدسيين الذين يعملون مع المؤسسات التركية، حيث يتم استدعاؤهم والتحقيق معهم والاستيلاء على بعض ملفاتهم، إلا أن ذلك لن يمنع الأتراك من إيجاد خطة بديلة لمواصلة الدعم لأنهم أقسموا أن لن يتركوا القدس وحيدة.