كان رأيها الصائب بمثابة "خبطة قاسية" على رأس زوجها، عندما اقتنع أفراد عائلته بوجهة نظرها ورأيها في معالجة قضية عائلية كانوا يناقشونها لإيجاد حل لها، فيما تم تهميش رأي زوجها لعدم نيله القبول والاقناع ولاعتباره بعيداً عن الواقع والتطبيق من قبل أفراد العائلة.
الزوج "جمال" (اسم مستعار لشخصية حقيقية) الذي يبلغ من العمر (36 عاماً) يعاني من مشكلة يعتبرها خطيرة للغاية، وهي أن زوجته تفوقه أضعافاً في مستوى الذكاء العقلي والقدرة على التفكير، ويرى في ذلك حرجاً له أمام الآخرين، خاصة عندما يتم تغليب رأيها وفكرتها، حتى بات منزعجاً جداً من مزاح أشقائه معه بالقول (دع التفكير لزوجتك وانشغل أنت في شيء آخر).
يقول جمال لـ"فلسطين": "لم أعد أطيق الجلوس مع عائلتي برفقه زوجتي، وبشكل آخر لم أعد راغباً بمجالسة زوجتي أمام أي أشخاص آخرين، حتى أمام الأولاد الذين باتوا يلجؤون لأمهم لحل مشاكلهم في المدرسة أو مع الأصدقاء، حتى أصبحت أشعر أنه لا وجود لي ولا احترام لرأيي".
هذا الواقع المرير تسبب بحدوث مشكلات عديدة بين جمال وزوجته، التي بررت الأمر أنه ليس ذنبها أن يكون رأيها وتفكيرها أفضل من رأيه وتفكيره، ولكنه يعتقد أن هذه المشكلة تلقي على الزوجة مسئولية الحفاظ على احترام وكرامة زوجها أمام الآخرين حتى لو كان مستوى تفكيره أقل من مستوى تفكيرها.
وهذا ما تداركه "محمود" (اسم مستعار لشخصية حقيقية) الذي يبلغ من العمر (27 عاماً)، عندما قرر قبل عامين الزواج من فتاة تصغره بثمانية أعوام، لغاية "تربيتها على يده وعدم تجاوزها حدود عقله وتفكيره"، وفقاً للثقافة السائدة لدى شريحة واسعة عند الشباب الفلسطيني.
ويقول محمود لـ"فلسطين": "طبيعة الرجل الشرقي لا يحب أن تتفوق عليه زوجته في أي أمر من أمور الحياة، وهذا ما نطلق عليه باللغة العامية اسم (النطنطة)، فالرجل يجب أن يبقى صاحب القوامة والمسؤول عن البيت، لذلك فضلت الزواج من فتاة ليس لها طموح سوى الإنجاب وتربية الأبناء".
وثمة دراسة أعدتها جامعة أبردين البريطانية، تقول إن زواج الرجل من امرأة ذكية ينشط عقله ويبعد عنه الزهايمر في كبره، لكنه يرهق المخ لانشغاله المكثف بمجاراة مستواها العقلي.
نتائج وحلول
الخبير في علم النفس الاجتماعي، إياد الشوربجي، يرى أن التكافؤ بين الزوجين هو أمر واجب من أجل نجاح الحياة الزوجية وزيادة فرص التلاقي في الأفكار والحد من الفجوة الفكرية والعقلية بين الزوجين، مؤكداً أن تقارب المستوى العقلي بين الزوجين يساهم كثيراً في التوفيق والانسجام بينهما.
وقال الشوربجي لـ"فلسطين": "رغم ذلك إلا أن الزواج من امرأة تفوق زوجها ذكاءً أمر ليس فيه أي عيب أو حرج، بل سيساهم في تنشئة أسرة أفضل، وفي تربية أبناء متفوقين عن أقرانهم، كما أن الزواج من امرأة ذكية يجعل الرجل دائم النشاط الذهني كون الحوارات والمناقشات تكون أكثر إبداعًا أو حيوية بين الطرفين، وهذا يساهم كثيراً في تقوية الصحة النفسية وصحة العقل للطرفين عند الكبر".
وفي المقابل، يوضح الخبير الاجتماعي أن تفوق ذكاء الزوجة على زوجها يتسبب في إرهاقه بمجاراة ذكائها، مشبهاً الحالة كممارسة رياضة الركض في دائرة مقفلة، وقال: "هذا أمر يسبب إرهاقا عقليا شديدا بالنسبة له، ويحتاج لجهد أكبر لإثبات كفاءته وتفوقه العقلي".
وبيّن أن هذه الحالة تتسبب بالحرج للزوج أمام أولاده وأفراد عائلته والمجتمع أيضاً.
ولتدارك هذه الأزمة بين الزوجين، يقول الشوربجي إنه يتوجب على الزوجة أن تقدر جيداً تفوقها العقلي والذهني على زوجها وألا تساهم في التسبب له بالحرج أمام الآخرين، من خلال مساعدته على الخلوص إلى الحلول الجيدة.
وأضاف: "يمكن للزوجة التي لا ترغب بالتسبب بالحرج لزوجها، أن تطرح فكرتها على زوجها ولكن بشكل منقوص جزئياً من أجل مساعدته على إكمالها والشعور بأنه صاحب الفكرة والرأي، أو يمكن تقديم رأيها لزوجها كمشورة واقناعه بتبنيها".
كما لفت الشوربجي النظر إلى أن هناك رجالا لديهم مستوى ذكاء منخفض، ولكن يمتلكون قدرة جيدة على تدارك الموقف المحرج وتحويله إلى موقف في صالحه أو موقف مضحك وهذا يعد جزءا من سماتهم الشخصية الأمر الذي يحفظ لهم كرامتهم أمام الآخرين.