قائمة الموقع

الأسرى المحررون.. وعودات السلطة بإعادة رواتبهم "بلا رصيد"

2019-10-07T07:41:18+03:00
صورة أرشيفية


الهيئة المستقلة: قطع الرواتب مخالف للقانون الأساسي الفلسطيني


بعد 21 عاما من العذابات قضاها خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتجرع خلالها قسوة الحياة معزولا عن العالم الخارجي، أكلت من عمره ما أكلت، حتى غزا الشعر الأبيض رأسه، لم يجد الأسير المحرر سفيان جمجوم (49 عامًا) سوى العمل خلف مقود سيارة مندوبا للمبيعات؛ لمواجهة قسوة أخرى خارج الأسر بعد قطع السلطة الفلسطينية راتبه منذ عام 2007.

في رحلة البحث عن الوطن، دفع جمجوم ثمنا لذلك من سنوات عمره، لكنه اليوم يبحث كغيره من الأسرى المحررين المقطوعة رواتبهم بالضفة الغربية المحتلة عن حياة كريمة لم يجدوها داخل الأسر ولا خارجه، وما حصلوا عليه لا يعدو سوى وعود وتسويف من هنا وهناك لم تتحقق.

جمجوم واحد من أكثر من 40 أسيرا محررا مقطوعة رواتبهم، يعتزمون تنظيم اعتصام احتجاجي بمدينة رام الله بالضفة الغربية غدًا؛ رفضا لاستمرار قطع رواتبهم.

على طرف السماعة الهاتفية الآخر، بدا صوته متألمًا على واقع حاله، وهو يقول لصحيفة "فلسطين": "قضينا زهرة أعمارنا ولم نسئ لأحد، وليس لنا علاقة بالانقسام، لدي أربعة أبناء، وأضطر بعد هذا العمر وسنوات الأسر للعمل على سيارة مبيعات أمضي عليها نحو 14 ساعة يوميا؛ لتأمين لقمة العيش".

حق الأسير

بتنهيدة يشرح قسوة ظروف العمل: "هذا ليس سهلا علي لا جسديا ولا نفسيا، أضطر للعمل بظروف صعبة، لا أبحث كأسير محرر إلا عن حقي، وأن يتم التعامل معي أسوة بالأسرى المحررين، حقي أن أجد عملا أفضل، أو أن أحصل على راتبي".

جمجوم أمضى ما مجموعه 21 عاما من حياته في سجون الاحتلال، وكانت أطول مدة أمضاها فيها نحو 13 عاما بين عامي 1992 و2006، واعتقل مرات عدة إداريا، وأفرج عنه في آخر مرة عام 2015.

وفي كل مرة يغيب فيها بالسجون، تبقى عائلته بلا دخل بعد قطع السلطة راتبه، مشيرًا إلى أن الأخيرة قطعت رواتب عشرات الأسرى بالضفة الغربية بعد عام 2007، بسبب أحداث الانقسام، رغم أن راتب الأسير حق مكفول بالقانون الأساسي الفلسطيني.

وأوضح أن هناك تسويفا دائما بحجة وجود أوراق ناقصة، مردفا: "ناضلنا سنوات طويلة لإنهاء هذا الملف المخجل، حتى علمنا أن هناك قرارا من السلطة بقطع الراتب، فذهبت للقضاء الفلسطيني وعقدت نحو 10 جلسات بمحكمة العدل العليا، وكان واضحا عدم وجود أي مسوغ قانوني لقطع الراتب، حتى جاءت آخر جلسة وجرى تبديل القاضي وردّ القضية ووقف ضد قضيتي".

ونظم المحررون خلال العام الماضي إضرابا مفتوحا عن الطعام لثمانية أيام احتجاجا على قطع رواتبهم، قبل أن يعلقوا الإضراب بعد تلقي وعود من قيادات بالسلطة بإنهاء الملف، إلا أنهم، وفقا لحديثه، ماطلوا بوعودهم ومرت الشهور دون رصيد لها على أرض الواقع و"توجهنا مرات عديدة للسلطة ولم نجد سوى التسويف، فقررنا العودة للشارع مرة أخرى".

مواصلة الاعتصام

"حاولنا الصبر على ردود السلطة، لكن لم تكن هناك نتيجة، وكذلك لجهود الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، لكننا سنعتصم ولن نفك الإضراب إلا بصرف رواتبنا، فهذا حق وليس منة، لماذا يحاربون الأسير في رزقه؟".. سؤال تطرحه الأسيرة المحررة بشرى الطويل التي أمضت نحو عامين في سجون الاحتلال.

الطويل هي الأسيرة المحررة الوحيدة المقطوع راتبها من السلطة، تقول لـ"فلسطين": "كنت من محرري صفقة وفاء الأحرار، كأن ما يحدث معاقبة للأسير، كما أن هناك تمييزا بين الأسرى على اختلاف انتماءاتهم، رغم أن من بيننا أسرى أمضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال".

"من ضيق داخل السجن لضيق خارجه".. تحتار بأي كلمات تصف ما يعيشه الأسرى، فحتى بعض الأسرى ممن تصرف رواتبهم يراقب الاحتلال موعد نزول الراتب، ويقتحم بيته ويصادره منه، هكذا توضح.

وأضافت: "إننا سنعتصم لأيام، وإذا لم تحدث الاستجابة فإننا سنخوض إضرابا مفتوحا عن الطعام إلى أن نوقع اتفاقا مكتوبا تتعهد فيه السلطة بعدم العودة لسياسة قطع الرواتب".

من جانبه أكد مدير الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فريد الأطرش أن قطع الرواتب غير قانوني ومخالف للقانون الأساسي الفلسطيني، وأن حق الأسرى المحررين في الاعتصام مكفول بموجب القانون، موضحا أن الهيئة ستساند الأسرى في اعتصامهم القادم.

وأعرب الأطرش في حديث لـ"فلسطين" عن أمله في أن تعاد الرواتب بأسرع وقت، مشيرا إلى أن الهيئة تابعت قضية الأسرى المقطوعة رواتبهم مع الجهات ذات الاختصاص.

وقال: "للأسف الإشكالية في الأمر تتعلق بتداعيات الانقسام، كقطع رواتب نواب المجلس التشريعي المحسوبين على كتلة التغيير والإصلاح".

اخبار ذات صلة