في خطوة غريبة من نوعها تفاجأ عدد من مرضى السرطان من قطاع غزة والضفة الغربية، بقيام إدارة مستشفى المُطّلع في القدس المحتلة بإخراجهم من المشفى، وإنهاء تقديم الخدمة الطبية لهم، وإعادتهم إلى بيوتهم.
ورُحِّل المرضى ممن يتلقون العلاج الكيماوي بتحويلة من وزارة الصحة الفلسطينية، كل إلى منطقة سكنه في الضفة وأهالي القطاع إلى حاجز بيت حانون "إيرز" مباشرة، وهو ما صدم مرضى السرطان الذين يعانون "الأمرّين" من هذا المرض.
حالة من الغضب والسخط سادت بين المرضى، سيّما القادمين من قطاع غزة، الذين يواجهون صعوبات "جمّة" في الوصول إلى مستشفى المطلع الموجود في مدينة القدس بعد حصولهم على تحويلات طبية بشق الأنفس.
تروي (م. خ) المريضة بالسرطان من قطاع غزة، تفاصيل ما جرى معها عند وصولها إلى المستشفى الخميس الماضي، وتقول لصحيفة "فلسطين"، إنها توجهت إلى مستشفى المُطّلع لتلقي جرعة العلاج الكيماوي الخاصة بمرض السرطان كما جرت العادة معها كل 21 يوماً، لكنّها "تفاجأت بعدم استقبالها"، علماً أنها أخذت 9 "إبر" من أصل 17 أقرّها لها الطبيب المختص.
وتوضح أنه بمجرد وصولهم إلى باب المستشفى الخارجي، خرجت إدارة المستشفى وقالت لهم: "ما في علاج لكم، أبو مازن ما غطى ثمن العلاجات.. زي ما اجيتوا روحوا".
وتُضيف أن إدارة المستشفى لم تسمح للمرضى بالدخول لبوابة المستشفى الداخلية.
إلى ذلك أكد مدير الجمعية الفلسطينية لرعاية مرضى السرطان في قطاع غزة رزق الصوص، رفضه المُطلق لهذا التصرف من إدارة مستشفى المُطّلع مع مرضى السرطان بغزة والضفة.
وقال الصوص خلال حديثه لصحيفة "فلسطين": "تفاجأنا بهذا القرار من المستشفى ورفض استقبالهم، وإعطائهم جرعات العلاج الكيماوي"، مشيراً إلى أن جمعيته تلقت شكاوى عدّة من مرضى تعرضوا لهذا الحدث.
كما رفض زج المرضى بالخلافات السياسية القائمة بين وزارة الصحة برام الله وإدارة مستشفى المُطلع، لافتاً إلى أن جمعيته تحاول الاتصال بإدارة المستشفى "لكن هواتفهم مغلقة"، وفق قوله.
وجدد تأكيده ضرورة إبعاد القطاع الصحي وكل القطاعات الإنسانية عن المناكفات السياسية والإهمال، مستغرباً من عدم وجود تغطية مالية من وزارة الصحة لمرضى السرطان في المُطّلع.
ولفت إلى أنه يجري العمل على معالجة القضية من وزارة الصحة للمرضى الذين أعيدوا، من أجل تحويلهم لمستشفى رام الله الاستشاري عبر دائرة العلاج بالخارج.
المُطّلع يردّ
صحيفة "فلسطين" تواصلت مع مستشفى المُطّلع في مدينة القدس المحتلة، حيث برر مديرها د. وليد نمور ما جرى بأنه ناجم عن عدم قدرة المستشفى على الإيفاء بالعلاجات الخاصة بمرضى السرطان، نتيجة الأزمة المالية التي تمر بها.
وأوضح نمور أن المستشفى يمر بأوضاع مالية صعبة نتيجة تراكم الديون على السلطة التي فاقت الـ 170 مليون شيكل، وهو ما جعلها غير قادرة على تقديم العلاج اللازم لمرضى السرطان والفشل الكلوي.
وأشار إلى أن المستشفى يحتاج لأدوية تصل قيمتها لحوالي 8 ملايين شيكل شهرياً، وهو "ما لا يستطيع المستشفى توفيره في الوقت الراهن"، حسب قوله.
وأضاف: "نحن نأسف لهذا القرار الخارج عن إرادتنا في إرجاع المرضى، وخاصة القادمين من قطاع غزة، لأن المستشفى وظيفته استقبال المرضى وليس ترحيلهم".
وبحسب نمور فإن إدارة المستشفى أبلغت ما لا يقل عن 90% من المرضى قبل يوم من موعد علاجهم، بعدم القدوم للمستشفى نظراً لعدم توفر العلاج.
وتابع: "نحن نعتذر للمرضى كافة، وخاصة مرضى قطاع غزة الذين يعانون صعوبات كبيرة في الوصول لتلقي العلاج"، مستدركاً: "حاولنا توفير الكرامة لهم من خلال تخييرهم بين أمرين، إما البقاء في فندق مغطى مالياً من المستشفى، أو إرجاعهم عبر وسيلة نقل مجاناً".
وأشار نمور إلى أن إدارة المستشفى تتواصل باستمرار مع السلطة، من أجل تحويل الأموال المتراكمة عليها، من أجل استكمال تقديم العلاج لمرضى السرطان، معرباً عن أمله في أن تستجيب لذلك.
حالة غضب
وفي أعقاب هذا التصرف من إدارة مستشفى المُطلع، سادت حالة من الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رفضاً لهذه الطريقة في التعامل مع مرضى السرطان، والمُطالبة بتشكيل لجنة للتحقيق في الأمر.
وقد كتبت الشابة ردينة مقداد وهي مريضة سرطان عبر صفحتها على "فيسبوك": "أعلن أنا ردينة مقداد، وأنا بكامل قواي العقلية توقفي الكامل عن متابعة العلاج، ورفضي التعامل مع أي طبيب أو مستشفى فلسطيني".
وأضافت: "بصراحة أنا حطيت في بالي هاد القرار من فترة، من بعد كل المعاناة والإهمالات والأخطاء يلي مريت فيها بطريق علاجي؛ وكيف بلحظة رجعوني لنقطة الصفر، ولأنه بتجيك ضربة ورا ضربة بتشل أملك شل وكنا نقول معلش والصبر".
واستدركت: "لكن بعد الضربة الأخيرة بطرد المرضى من مستشفى المطلع صار وقته؛ لأنه بكفي ذل".
في حين كتب الناشط الحقوقي حكيم أبو كرش، عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"، "ألا يعلم متخذ القرار أن هناك من استدان إيجار التاكسي فقط لكي يصل للقدس نظراً لظروفه المادية المزرية؟".
وأضاف: "ألا يعلم معاناة استصدار قرار تحويلهم للعلاج والتصاريح؟ ألم يعلم بأجسادهم المتهالكة؟ ألم ينتظر حتى يتم إيجاد حل بديل سواء ببقائهم وحل الخلاف مع وزارة الصحة أو تحويلهم إلى الأردن؟".