عقدة الغفران
السادس من أكتوبر 1973م يوم محفور في الذاكرة المصرية. السادس من أكتوبر في ذلك العام كان يوم الغفران عند اليهود في ( إسرائيل) وخارجها. وكان يوم العاشر من رمضان عند المسلمين. في هذا اليوم علت صيحات الله أكبر على ألسنة جنود مصر فعبروا القناة وحطموا خط بارليف، قبل أن تصحو حكومة الاحتلال من غفوة عيد يوم الغفران. العيد لم يكن عامها غفرانا، بقدر ما كان انتقاما انكسر فيه غرور جيش زعم قادته أنه لا يقهر، وإذا برئيسة الوزراء تبكي، وإذا بيدها تكاد تضغط على زر القنبلة النووية؟!
نحن في فلسطين نتذكر هذا اليوم قبل (46) عاما بفخر، فقد أعاد لنا الأمل بالعودة والتحرير، وأدركنا أن جيش الاحتلال يمكن أن ينهزم إذا واجه قتالا حقيقيا، وأن أسطورة الجيش الذي لا يغلب، أسطورة كاذبة، ولدها الجيش لنفسه لأنه انتصر في حرب1967م دون قتال، حيث لم يقاتل الجيش المصري البتة، وانهزم في الساعات الأولى من الحرب.
نحن اليوم في 2019م في عيد الغفران، حيث يجتمع الكابينت الإسرائيلي على عجل متخوفا من حرب مفاجئة في هذا اليوم على غرار حرب الغفران، أو أشد. هكذا قالت الصحف العبرية، التي قالت إن الجيش لم تكن لديه معلومات تذكر عن خطط السادات في 1973م، وإنها كانت تعده أحمق، ولا تبالي بتصريحاته، ولكنه تمكن من إنزال (عقدة الغفران) في كل بيت يهودي في فلسطين المحتلة وخارجها.
نتنياهو يتخوف من مفاجأة أمنية كبيرة، وفي ذهنه عقدة الغفران، ولكن الظروف الموضوعية لا تقول بحرب قريبة، لا مع إيران، ولا مع حزب الله، ولكن يمكن لنتنياهو أن يستغل عقدة الغفران للحصول على مكاسب في تشكيل الحكومة، وإن لم تقع حرب يكون قد عمل بالأحوط، وقدم نفسه ملكا وحارسا ( لإسرائيل).
ما وقع يوم الغفران قبل نصف قرن تقريبا، ربما يقع ما هو أشد منه في وقت قريب، بحيث يكون يوم الغفران لعبة بموازاته، وعندها ستعلم (إسرائيل) أنه لا بقاء لها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن مبالغتها في التسلح ونفقات الأمن لن تَجِد لها نفعا. ( إسرائيل) إلى زوال لأنها لا تملك عناصر البقاء بشكل طبيعي كما تملكه الدول الطبيعية، وربما كان هذا القول هو أبلغ ما قاله يوم الغفران في عام 1973م. الغفران انتهى، وبقيت عقدة الغفران قائمة في النفس الصهيونية!