قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلية مستمرة في انتهاكها لحقوق الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة، تنفيذًا لتوجيهات المستوى السياسي وسط صمت دولي تجاه الانتهاكات المتكررة والتي تُمهد لارتكاب جرائم حرب.
ورصد المرصد – ومقرّه جنيف- في تقريره الشهري، اليوم الأحد، (376) انتهاكًا إسرائيليًا ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال سبتمبر/ أيلول المنصرم، موزعة على (16) نمطًا من انتهاكات حقوق الإنسان.
وتمثّلت أخطر الانتهاكات الإسرائيلية في إنشاء مستوطنين بؤرة استيطانية جديدة في بادية السواحرة شرق القدس تحت حماية قوات الاحتلال، ما يعني مصادرة 470 دونمًا يعيش فيها 850 فلسطينيًا ضمن 18 تجمعًا بدويًا، وتكريس الوجود الاستيطاني والخطط الإسرائيلية لتغيير الطابع الديمغرافي للمدينة.
ومقابل تعزيز الاستيطان بالبؤرة الجديدة والوحدات الاستيطانية، نفّذت قوات الاحتلال خلال الشهر (8) عمليات هدم وتوزيع إخطارات لمنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم في القدس، ترتّب عليها هدم (5) منازل، أحدها أجبر مالكه على هدمه ذاتيا لتجنب دفع غرامات باهظة الثمن، ومنشأة تجارية هُدمت ذاتيا، و(4) بركسات خيول إلى جانب توزيع المزيد من الإخطارات لهدم منازل ومنشآت جديدة، بحسب التقرير.
وأشار إلى تواطؤًا قضاء الاحتلال مع المستوى السياسي، عبر قرار أصدرته محكمة إسرائيلية يقضي بإخلاء عائلة مقدسية من منزلها - يتكون من 4 شقق ويعيش فيه 13 فرداً - في حي وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى خلال٩٠ يومًا، في تكريس لسياسة التهجير القسري للفلسطينيين وإحلال المستوطنين مكانهم لتغيير الطابع الديمغرافي للمدينة.
ورصد (12) حادث إطلاق نار واعتداء مباشر نفّذتها قوات الاحتلال في أحياء مدينة القدس، أسفرت عن استشهاد الفلسطينية مريم كعابنة (50 عامًا)، وإصابة (29) آخرين بجروح منهم مسعفان وطفلة.
وأكّد الأورومتوسطي أنّ "كعابنة" أُعدمت ميدانيًا بشكل غير قانوني، بذريعة محاولتها تنفيذ عملية طعن على حاجز قلنديا، رغم أنّها لم تشكل أي خطر على حياة الجنود ولم تثبت المحاولة المزعومة.
ووثّق أيضا تنفيذ قوات الاحتلال (77) عملية اقتحام لبلدات وأحياء مدينة القدس، تخلّلها اعتقال (110) مقدسيين بينهم وزير القدس و (22) طفلًا، و(4) نساء، واستدعاء (14) شخصًا منهم (5) نساء وطفل و(4) حراس للمسجد الأقصى إلى جانب محافظ القدس، وفرض الحبس المنزلي على (10) آخرين، وفرض غرامات مالية عليهم.
ووفقًا للتقرير، بقي المسجد الأقصى هدفًا للتصعيد الإسرائيلي، وأغلقت قوات الاحتلال مجددًا أبوابه ومنعت الصلاة فيه في 26 سبتمبر، بذريعة اعتقال طفل حاول تنفيذ عملية طعن.
ورصد التقرير اقتحام المستوطنين على مدار (22) يومًا خلال الشهر المنصرم لباحات الأقصى، وجرت الاقتحامات في جميع الأيام باستثناء أيام الجمعة والسبت. بمشاركة (2190) مستوطنًا، ترافقهم حراسات مشددة من شرطة الاحتلال والقوات الخاصة، ورافق ذلك اعتداءات على المتواجدين في الباحات، ومحاولات لتأدية طقوس دينية تلمودية.
وأحصى إصدار سلطات الاحتلال خلال ذات الشهر (16) قرارًا بالإبعاد عن المسجد الأقصى، منها (6) قرارات طالت نساء مقدسيات.
وقال مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المرصد الأورومتوسطي أنس جرجاوي: إنّ الخطط الاستيطانية تعكس توجّهات رسمية لتنفيذ عمليات تهجير جماعي للفلسطينيين، وإحلال المستوطنين الإسرائيليين مكانهم، في عمليات إجلاء جماعية مخالفة لقواعد القانون الدولي.
وأضاف جرجاوي: أنّ (إسرائيل) ماضية في مخطط كبير لهدم آلاف المنازل في القدس، والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية ضمن مشروعها الكبير لتهويد المدينة وتغيير طابعها الديمغرافي؛ ما يتطلب تحركًا رسميًا من السلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي لمواجهة هذه الخطط التي ترقى لعمليات تطهير عرقي.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان سلطات الاحتلال بوقف سياســة التمييــز العنصــري بيــن الفلســطينيين والإســرائيليين فــي إجــراءات التحقيــق والملاحقــة والمحاكمــة، والتراجع عن سياسة هدم ممتلكات الفلسطينيين ووقف مخططات تهجيرهم، واحترام حقهم في العبادة وممارسة الشعائر الدينية.
ودعا الأورومتوسطي الأمم المتحدة إلى استحداث آليات جديدة لمحاسبة (إسرائيل) على انتهاكاتها ضد السكان الفلسطينيين في مدينة القدس، وتحمّل مسؤولية حمايتهم باعتبارهــم ســكان منطقــة محتلــة بموجــب قــرارات مجلــس الأمــن والجمعيــة العامــة، وبموجــب وقــوع القــدس تحــت المســؤولية الدوليــة وفق قرار 181 الصادر عن الجمعيــة العامــة للأمــم المتحــدة.