انتهت اجتماعات الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة دون جديد يذكر في طبيعة الاجتماع، أو في قرارات المجتمعين، وكأن ما حدث في عامنا هذا هو نسخة مكررة عما حدث في العام السابق له. الكلمات التي ألقيت بشأن القضية الفلسطينية كانت تفيض بمشاعر وجدانية إيجابية نحو الحقوق الفلسطينية على الأغلب، ولكن لم تترجم الأمم المتحدة مشاعر أعضائها والمتحدثين من على منبرها إلى قرارات ذات مغزى.
نعم، أصاب الأمين العام للأمم المتحدة (غوتيرش) كبد الحقيقة حين قال إن هناك عشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة حول الحقوق الفلسطينية، ولكن (إسرائيل ) لم تنفذ شيئا منها! هذا يعني أن الأمم المتحدة لا تزيد على كونها منبرا خطابيا راقيا، يلتقي فيه الرؤساء للخطابة والبيان، وأن أحدا منهم لا يتجاوز حالة التعبير عن مشاعره، ورؤيته، وتبقى القضايا الدولية موضع الخلاف والنزاعات في العالم كما هي دون حلّ؟!
من المعلوم أن الأمم المتحدة لم تنفذ شيئا من قراراتها منذ عام 1948م وحتى تاريخه؛ لأن (إسرائيل) لا تحترم القانون الدولي، ولا توقر الأمم المتحدة، ولا تخضع لمؤسساتها، ذلك أنها تزعم أن الأمم المتحدة منحازة للعرب، وأنها تعمل ضد (إسرائيل)، والحاصل أن (إسرائيل) تعيش حالة تمرد حقيقي على المؤسسة الدولية، وعلى ما يتفرع منها من هيئات أخرى.
المشكلة في نظري من زاوية أخرى أن قادة العرب وفلسطين يرفعون من منزلة الأمم المتحدة بما لا تستحق، في حين تحقّر (إسرائيل ) منها بلا مبرر؟!. من يعظم الأمم المتحدة لم يصب من هذه المؤسسة فائدة، ومن يحقّرها ويتمرد على قراراتها يصيب منها ما يريد!
عباس يهتم بحضور اجتماع الجمعية العامة سنويا، والسيسي يهتم بحضوره، وترامب يكون أول المتحدثين، ويحضره رئيس وزراء بريطانيا ورئيس فرنسا وآخرون، وجميعهم يخطب ببلاغة عالية عن القضايا الدولية، وحقوق الإنسان، والحاجة إلى التعاون والسلام، ثم يعودون إلى بلادهم، ونعود نحن الفلسطينيين عادة بصفر كبير!
هل نحن كعرب في حاجة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة؟! ماذا يحدث لو تخلينا عن حضور اجتماعاتها احتجاجا؟! ماذا يحدث لو انتقدناها وبينا أنها مؤسسة فارغة المضمون؟! وأنها فشلت على مدار عشرات السنين في إلزام (إسرائيل) بتنفيذ قراراتها ؟! لماذا لا يجرب العرب الغياب الاحتجاجي عن حضور اجتماعات الجمعية العامة؟! لماذا لا يجرب ذلك رئيس السلطة؟! ماذا سيحدث إذا احتج العرب مجتمعين أو متفرقين وغابوا عن اجتماعاتها؟! دعونا نجرب! دعونا نقول لهم إن شعبنا الفلسطيني، وشعوبنا العربية لا تثق بعدالتكم، ولا باجتماعاتكم!