أعلن رئيس السلطة محمود عباس قبل أشهر أنه لن يستلم أموال الضرائب من الاحتلال ناقصة مليما واحدا، وأنه سيتجه للمؤسسات الدولية لمقاضاة الاحتلال، وأعلن عن تشكيل لجنة برئاسته باسم "وقف الاتفاقيات" مع الاحتلال وروج إعلام السلطة وحركة فتح للأمر بأنه قرار وطني وتحول استراتيجي من قبل السلطة نحو التعامل مع الاحتلال.
لم يمضِ شهر على ذلك، أعلنت مصادر في أجهزة الاحتلال الأمنية أن التنسيق الأمني مستمر ولم يتوقف دقيقة واحدة، بل تضاعف في ظل توتر الأوضاع وتصاعد العمليات في الضفة، ولاحقا أعلنت أن السلطة تعاونت في ملاحقة منفذي العمليات في بيت لحم ورام الله.
لم يقف الأمر عند ذلك بل أعلن وزير الشؤون المدنية عن استعادة مليار شيكل من الضرائب وتم استلامها الشهر الماضي وبهدوء تم صرف نسبة إضافية للموظفين لضمان صمتهم.
أمس جاء إعلان جديد بإصدار قرار من عباس باستلام مليار و800 الف شيكل من الضرائب وتسوية القضايا المالية، ولم يصدر تفاصيل أخرى في الشأن، سوى أنه فعلا لم يحدث تغير في موقف السلطة في التعامل مع الاحتلال.
ما يدعو للاستغراب أن تراجع السلطة عن ذلك جاء بعد زيارة خطاب عباس في الأمم المتحدة التي أعلن عن انتخابات عامة، ولا يعرف مصيرها ولا ظروف تنظيمها، وترك الساحة الوطنية على حالها ورفض مبادرة الفصائل للمصالحة الوطنية.
تسارع الاحتلال لتقديم العون للسلطة في الجانب المالي خشية انهيارها وكذلك تراجع السلطة عن مواقفها التي تعودنا عليها، وصناعة أزمات مفتعلة لتمرير مواقف لها، مثل قطع رواتب الموظفين وعائلات الجرحى والأسرى ومواصلة الإجراءات العقابية على غزة، وقد برر قادة السلطة ذلك بالأزمة المالية، والآن عادت السلطة لاستلام الاموال دون رفع العقوبات.
مواقف عباس المتراجعة امام الاحتلال والمتصلبة في الساحة الداخلية هي سياسة السلطة خلال السنوات الماضية، ولا يتوقع تغييرها في المرحلة القادمة، بحيث تبقى علاقة التنسيق الأمني مع الاحتلال والارتهان له اقتصاديًا وممارسات التضييق على المواطنين في الضفة الغربية بفعل حالة التخبط التي تعيشها حكومة اشتية هناك، ويساهم في ذلك هجوم قيادات من فتح عليها، ليضاف إلى الرفض الشعبي لإجراءاتها الاقتصادية ومحاربة المزارعين أو الاستهزاء من النساء كما فعلت وزيرة الصحة، ليشكل ذلك تعبيرا عن واقع السلطة المنفصل عن الواقع.