لديها هوس طفولي في القراءة والكتابة، وعملت على توريثه لأبنائها، وفي يوم اصطحبت ابنها إلى المتنزه من أجل الترفيه والتسلية، عندما بلغا المكان تذكر ابنها أنه قد نسي كتابه القصصي الذي تقرأ له والدته منه، وكان يقف مقابل مقعدهما سيارة لبيع البوظة، فتساءلت في ذاتها: "لماذا لا يكون هناك سيارة خاصة بالكتب كسيارة البوظة؟ تسعف من ينسى كتابه في البيت، وتشغل وقت البعض وخاصة محبي القراءة"، وهذا لا يتحقق إلا من خلال مكتبة متجولة ومتنقلة.
شذى نظمي بزبز (30 عامًا)، من مدينة القدس المحتلة، أم لثلاثة أبناء، وتعمل اختصاصيّة اجتماعيّة في الشؤون الاجتماعية بالقدس، وصاحبة فكرة مشروع مكتبة أيلول، وهي عبارة عن مكتبة متنقلة في القدس تستهدف الأطفال في المدارس والمخيمات الصيفية لتنظيم فعاليات مميزة وتبيع الكتب بأسعار منافسة.
وقالتشذى لـ"فلسطين": "تقوم الفكرة على تقديم خدمات غير تقليدية كقراءة قصص للأطفال بأفكار مميزة وباستخدام الدمى وتحويلها إلى مسرحيات هادفة، فالمكتبة عبارة عن سيارة متنقلة مجهزة من الداخل بإضاءة وأرفف معينة، تستوعب الأساسيات والأغراض الخاصة التي تحتاجها المكتبة من كتب وقصص للأطفال من عمر ثلاث سنوات حتى 12 سنة، وألعاب ذكاء خاصة بالأطفال".
وأضافت بزبز: "إلى جانب روايات أدبية عالمية للأم، كون هذا المشروع يحتضن الأم والطفل بشكل خاص، إلى جانب أدوات تفريغ نفسي للأم عن طريق فعاليات تقوم بعملها خاصة أني اختصاصية اجتماعية ولدي معرفة وخبرة في هذا المجال".
وترى أن لهذا المشروع أهمية كبيرة "فنحن بحاجة لمثله في ظل الصخب الالكتروني الذي يعيش فيه الأطفال قبل الكبار على أجهزة "الأيباد" و"التابلت" والجوالات الحديثة، فمن الجميل أن نعيد لأبنائنا رونق القراءة، وأن يمسكوا الكتب بين أيديهم، ويشتموا رائحة الورق فلديه جمال خاص لا يذبل ولن يختفي مهما بلغنا من تطور"، وفق حديثها.
ومن الأسباب التي ألحت عليها لتنفيذ الفكرة الاحتياج والتعطش للقراءة، ومحاولة خلق جيل يحب القراءة، فأول كلمة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم "اقرأ"، بالإضافة إلى ربط الأطفال بالقراءة وتقويتهم فيها، بدلًا من قضاء كل أوقاتهم على الأجهزة الالكترونية، وأن توجد مكانًا للقراءة في قلوب الجميع، وتصبح أيلول متواجدة في كل بيت ومنتزه ومدرسة ومعرض.
وأشارت إلى أنها استهدفت الأطفال كونهم فئة أساسية في أي مجتمع، وابنها الذي لم يتجاوز الأربعة أعوام من شجعها على ذلك عندما طلب منها قصة من أجل القراءة.
ومن الخدمات التي تقدمها المكتبة المتنقلة، خدمة استعارة القصة وإعادتها بعد الانتهاء من قراءتها، أو عن طريق البيع المباشر، أو البيع أونلاين من خلال الصفحة الالكترونية، وقريبًا ستعمل على افتتاح نقطة بيع مركزية في القدس المحتلة.
وتعمل على جذب الطفل من خلال اختيار القصة المناسبة لعمره ووفق احتياجه، وبعض القصص تقوم بتمثيلها عن طريق الدمى، لتكون معبرة بصورة أكبر، وتوصل رسالة معينة لعقل الطفل.
ولفتت بزبز إلى أن أيلول تتنقل على مدارس مدينة القدس، ورياض الأطفال والمهرجانات والمعارض، والمشروع مقتصر على مدينة القدس في البداية لترى صدى الناس وردة فعلهم اتجاهها ومدى تفاعلهم، لكنها ستعمل ستنشئ لها عدة فروع مختلفة، كل باص متنقل يحمل اسم من أسماء شهور العام.
وتشارك في المشروع برفقة طالبتين من جامعة القدس، حيث تعملن على تزويدها ببعض المطبوعات والقصص، منبهًا إلى أن أهم ما تجنيه من وراء المشروع هو أن يستفيد الجميع وتعم القراءة والمحبة والسلام، وترى فرحة الطفل وأمه لهفتهما على القراءة والاستفادة من أيلول، بعض النظر عن العائد المادي الذي تجنيه من وراء ذلك، لأجل تغيير النمط السائد بالتوجه نحو التكنولوجيا.
واجهت بزبز مشاكل في التمويل رغم أنها حصلت على دعم ولكنه لم يكف إلا لشراء السيارة، أما بالنسبة للتصميم والكتب وبعض الأدوات من حسابها الخاص رغم صعوبة الوضع المادي، وتتمنى أن تجد داعمين للمشروع لتتأكد من الوصول لكل طفل وبيت.