رفض حركة فتح مبادرة الفصائل الوحدة وإنهاء الانقسام، التي غاب عنها بعض البنود المهمة، التي تصر عليها حركة حماس، وكانت سببًا للخلاف في الماضي، ولم تمنع حركة حماس من قبولها؛ يضعها (حركة فتح) في مأزق، وإن تظاهرت بعكس ذلك، تتدثر بمسوغات لا تمر على أحد، ولا تضيف إلى حركة فتح احترامًا، عندما تتهم ثمانية فصائل يربطها بستة منها علاقة وطيدة بالتآمر مع حركة حماس، وتلبس مبادرة كتبتها حماس والادعاء أنها فصائلية، فذلك خروج عن اللباقة الدبلوماسية والعلاقة الأخوية، إذ لا يُعقل أن تصبح فصائل الشعب الفلسطيني الوازنة والتي تشكل منظمة التحرير ظلًّا لحركة حماس.
إحساس السلطة وحركة فتح بالعزلة والفظاظة السياسية والدبلوماسية يجعلها تتصرف بتأثيرات الضغط الذي تعانيه، لا انطلاقًا من الموقف الذي تتظاهر به.
خروج وفد إلى مصر يهدف لوأد المبادرة والالتفاف عليها.
إن إذعان السلطة للاحتلال الذي تخلى تمامًا عن التزاماته تجاه أوسلو، ولا يزال يُلزمها بتنفيذ أدق التفاصيل، التي يدفع ثمنها حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة على المدى البعيد، ويتجرع الذل والهوان يوميًّا وهو يواجه أبشع عملية قمع وقتل وتهجير، نتيجة عملية تنسيق وتعاون أمني مستمر؛ يشتت الفلسطينيين ويحرق دماءهم ويكسر خاطرهم، ويفكك عرى التضامن والترابط فيما بينهم.
السلطة تحاول التصدي لأي مبادرة تُخرج الشعب الفلسطيني مما هو فيه على قاعدة "ما أريكم إلا ما أرى"، حتى لو أن الفصائل تنازلت عن مواقفها، وحاولت أن تلتحق بحلابة أوسلو مجزرة الحقوق الوطنية الفلسطينية، بقتل مقومات كل الروافع التي تُمكن الشعب الفلسطيني من تحقيقها واستعادتها؛ فلن يوافق محمود عباس، لأنه شب على الإقصاء والتفرد والتمسك بأوسلو والتحلل من الفصائل "الإرهابية".
رفض المبادرة، والمساعي الدبلوماسية للالتفاف عليها، وتحريض الدول على عدم دعمها؛ تكرس الحالة المزرية التي أُجبر عليها الشعب الفلسطيني الأبيّ.
على الفصائل بموازاة الجهد الداخلي لإقناع كل قوى الشعب الفلسطيني الاجتماعية والسياسية والأكاديمية والنقابية زيارة مصر وتركيا والجزائر والأردن وسوريا ولبنان والسعودية، وكل الدول العربية ذات الصلة، لشرح المبادرة، وطلب المساعدة في إخراج الشعب الفلسطيني من المأزق الذي يمر به.
لابد من هذه الخطوة، لابد من هذه الجولة، لابد من استنفاذ الجهود الداخلية والخارجية مع كل الدول، لمغادرة مربع التشظي والانقسام وغياب الوحدة والموقف.
آن الأوان لاستنفاذ الجهود حتى يتبدى للشعب الفلسطيني جليًّا أن قضيته ومصيره لا يقعان في بؤرة اهتمام الطرف، الذي يصر على تأبيد الاحتلال، واستدامة الضعف والتفكك اللذين ينتج عنهما تكريس للاحتلال وإطالة لعمره.