"غيداء" و"أيمن" يومًا ما كانا زميلين في المؤسسة نفسها، فغيداء هي مديرته في العمل، ومع ذلك تبادلا الإعجاب وتزوجا، وقبل الزواج لم تكن لدى "أيمن" عقدة أن تكون زوجته أعلى منه درجة علمية أو عملية.
بعد عامين من الزواج صارت المشاكل تطفو على السطح من ناحية "أيمن"، الذي لم يحتمل فكرة أن تكون زوجته هي مديرته، ورأى أن ذلك الأمر يتعارض مع قوامته؛ فهو يرغب أيضًا أن يكون رب العمل.
أما "غيداء" فكانت لديها نزعة أنها أعلى من زوجها في مستوى العلم والوظيفة أيضًا، وحين كانت تمارس مهامها الوظيفية في البيت تطالبه بمساعدتها على أساس أن أعمال المنزل تتطلب مبدأ "يده على يدها"، وتعدى الأمر إلى الانتقام منه و"مجاكرته" بمنصبها الوظيفي بسبب حدوث مشاكل بينهما في البيت.
وبعد زيادة حدة المشاكل كان الحل انتقال "أيمن" إلى مكان آخر في العمل، والاتفاق على ترك مشاكل البيت في البيت، وعدم الخلط بين مهام الزوجة في البيت والعمل.
أن تكون المرأة مديرةً على زوجها أمرٌ في الأغلب لا يمر بسلام، "فلسطين" ناقشت الأمر في سياق التقرير التالي:
عبد الرحمن ياسين (22 عامًا) قال: "لنكن واقعيين، لا يوجد رجل شرقي يرضى أن تديره زوجته في العمل، وإن كانت تستحق هذا المنصب بجدارة، وإن حصل فسوف يتسبب هذا الأمر في حصول مشادات وخلافات لا غنى عنها في مجال العمل والمنزل، وسيفقد المنزل استقراره".
أما نسرين خلف فقد رأت أن تولي المرأة منصبًا إشرافيًّا على زوجها سيسبب حساسية للطرفين، مهما كانا متفاهمين، لذا إن المرور من هذا المأزق لن يمر دون تضحيات أو مشاكل.
طبيعة الرجل
وفي السياق نفسه بين الاختصاصي النفسي زهير ملاخة أن طبيعة الرجل أنه يميل إلى القوامة على المرأة، خاصةً زوجته، لكن بعض الأشخاص يرى أن تكون زوجته مديرته في العمل انتقاصًا من كرامته، ويخلط بين دوره رجلًا في البيت مع البيئة المهنية، ولا يُفضل أن تكون زوجته ربَّة العمل، إذ يعده خدشًا لجوانب الرجولة وبعض الأمور القيمية.
وذكر ملاخة أن بعضًا يتقبل الأمر حتى لو عيره زملاء العمل، ويأخذ الأمور على منحى المهنية، ويفصِل بين دوره رجلًا في الأسرة وكونه موظفًا في المؤسسة وله رئيسة في العمل.
ولفت إلى أن طبيعة تفهم الرجل وضبط انفعالاته ورؤاه تجاه أن تكون زوجته مديرته، علاوةً على ثقته بنفسه والتحلي بمميزاتٍ شخصية وتأثره بالآخرين، وقدرته على المواجهة؛ يتوقف عليها تقبله من عدمه.
وأضاف: "الأصل أن تكون العلاقة بين الزوجين مهنية في العمل، وتستند إلى الاحترام المتبادل والالتزام بالأنظمة والقوانين، وقيام كل شخص بدوره الوظيفي، حينها لن يكون هناك مدخل للمشاكل".
وذكر أن الرجل يميل في علاقته مع المرأة إلى القوامة وتملُّك كل شيء، أي أنه وفق الصورة النمطية يعطي الأوامر وهي تطيع، لذا سيتمرّد ويفتعل المشاكل وينقلها، وستضطر الزوجة إلى طلب نقل مكان عملها بعيدًا عن زوجها.
ولفت ملاخة إلى أن الزوجة يمكن أن تستغل منصبها في التسلط والتكبر، وتنقل مشاكل البيت إلى العمل أو العكس، إذا لم تنجح في الفصل بينهما، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى مشاكل في الأسرة ويؤثر سلبًا على الأولاد.