فلسطين أون لاين

الصمت العربي والإسلامي.. يُضعف ظهر المقدسيين في الدفاع عن الأقصى

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

تتزامن ما تسمى بـ"الأعياد اليهودية" في هذه الأيام مع الذكرى التاسعة عشرة لـ"انتفاضة الأقصى" حينما هب الشعب الفلسطيني دفاعا عن المسجد الأقصى ورفضا لاقتحامه من قبل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون.

ويأتي هذا التزامن في وقتٍ أضحت فيه الاقتحامات أمراً روتينياً في المكان دون أن تسترعي أي انتباه عربي أو إسلامي سوى صمود وتحدي المقدسيين، الذين يواجهون مخططات الاحتلال بصدورٍ عارية، فما الذي تغير منذ عام 2000 حتى اللحظة؟

نائب مدير الأوقاف الإسلامية ورئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث د. ناجح بكيرات، أكد أن "حرب الاقتحامات" الإسرائيلية للمسجد الأقصى ممنهجة ومدروسة بعناية فائقة ولها مخطط له ما وراءه.

وبين بكيرات في حديث لصحيفة "فلسطين" أن الهدف الأول لتلك الحرب هو إرسال رسائل خارجية وداخلية لإثبات حق اليهود في الأقصى، وتقليل عدد المسلمين فيه؛ ليرسلوا للعالم رسالة أنهم "أصحاب المكان"، حيث يبثون فيديوهات كثيرة لاقتحاماتهم حتى لو كان عدد المقتحمين قليلا.

وأضاف أنه في المقابل لا يتم بث فيديوهات مماثلة لآلاف مؤلفة من المسلمين يؤمون المسجد خمس مرات يومياً، في محاولة من اليهود لتحريض المجتمع الإسرائيلي خاصة الذين ما زالوا يؤمنون بفتوى عدم قدسية المكان لهم مما يجعلهم يحجمون عن دخوله، وذلك لتوجيههم لاقتحامه وانتهاكه وتغيير الواقع فيه.

ولفت إلى أن الهدف هو تغيير قداسة المكان من إسلامية إلى يهودية من خلال جلب وزراء وأعضاء "كنيست" وحاخامات إليه والاحتفال بالأعياد اليهودية فيه.

تهجير المقدسيين

وأشار بكيرات إلى أن الهدف الثاني لتلك الاقتحامات هو تهجير المقدسيين، حيث يسبقها انتشار للحواجز العسكرية وقتل واعتقالات تقوم عليها أجهزة أمن الاحتلال المختلفة من مخابرات وشرطة وغيرها، التي توزع الأدوار بينها لتهجيرهم.

ونبه إلى أن كل ذلك يأتي في إطار "معركة ديموغرافية" لتشكيل قوة طاردة للمقدسيين من الأقصى، بفعل ممارسات الاحتلال وجذب اليهود من خلال روايات كاذبة عن "الحوض المقدس" و"الرواية التوراتية" والتأكيد لهم بأنهم محميون خلال اقتحاماتهم، وتقديم كل التسهيلات لهم، الأمر الذي خلق هجرة داخلية مقدسية، وأتى بأعداد كبيرة من اليهود للإقامة في محيط الأقصى.

ووفق بكيرات، فإن الاحتلال يهدف ثالثاً إلى الفوز بـ"حرب الرواية"، رغم امتلاك المسلمين الرواية القرآنية بأن الأقصى لهم، وأنه منذ آلاف السنين مسجد إسلامي، ولا يوجد أي دليل أثري أو تاريخي على وجود "الهيكل" المزعوم فيه أو أسفله، إلا أن الاحتلال مصمم على "تزوير الرواية" ومحاصرة المقدسيينوتغيير اسم الأقصى ومعالمالطرق المؤدية إليه، في ظل صمت العالم العربي والإسلامي الخطير، ما يستدعي قيام الفلسطينيين بتقديم روايتهم الحقيقية كسكان متجذرين بالمكان ومنع الاقتحامات بكل الطرق الممكنة.

وبين أن ما يحدث في الأقصى منذ عام 2000 وحتى اللحظة، ليس مجرد زيادة في الاقتحامات أو ردة فعل أو استغلال لمناسبة دينية بل حرب ممنهجة، مردفا "لكن ما غير ردة الفعل على تلك الاقتحامات هو زيادة عدد أفراد جيش الاحتلال في المدينة وتضاعف الحواجز الأمنية".

وأضاف: "كما أننا أمام سكوت عربي وإسلامي مخيف، ينبئ بخطر أن القدس لم تعد في أولوية الذهن العربي لا جمهوراً ولا نظاما رسميا، حيث كان مجرد أي اقتحام يثير الرأيين العربي والإسلامي، ما فتح المجال أمام بعض المحاولات الخطيرة لتهويد الأقصى وخاصة بعد وعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر (صفقة القرن)، حيث تمادى الاحتلال بالاعتداء على المقدسيين".

هدم الأقصى

من جهته، اعتبر مدير مؤسسة القدس للتنمية سابقًا خالد زبارقة، أن الاحتلال يهدف من خلال اقتحاماته لهدم المسجد الأقصى، وبناء "الهيكل" المزعوم مكانه، حيث يسعى له بسلسلة خطوات ويراكم إنجازات في هذا الخصوص ليخلق أجواءً تؤهله لإقامة مشروعه على أنقاض المسجد المبارك.

وقال زبارقة لـ"فلسطين" إن الاحتلال يريد تغيير هوية الأقصى من مكان مقدس إسلامي حصري إلى مكان يهودي ديني، ويريد ترسيخ ذلك في ذهن الشعوب العربية والإسلامية بالوصول لدرجة خطوات دينية علنية داخل الأقصى، من أجل تطويع إرادة الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي للقبول بالواقع، وصولاً "للتقسيم المكاني" له، ثم هدم "قبة الصخرة" وبناء هيكل مزعوم.

وبين أن الاحتلال يستغل المناسبات الدينية كـ"الأعياد اليهودية" لفرض "مشروعه الديني" على الأقصى، وكإثبات لوجود تاريخي وحضاري له في المسجد المبارك.

ولفت إلى أن ما غير ردة الفعل في التعامل مع الاقتحامات منذ انتفاضة الأقصى حتى اللحظة هو بروز دور القيادة الرسمية العربية في التنسيق مع الاحتلال للوصول لهذه اللحظة، والتيار المتصهين العربي الذي ينظِّر للرواية اليهودية والصهيونية.

وقال: "لا نستطيع أن نغفل دور الصمود والثبات الأسطوري الذي سطره شعبنا والمقدسيون في مواجهة السياسات الإسرائيلية، ومحاولات الاحتلال فرض واقع جديد على المدينة برغم حجم المؤامرة على القدس والأقصى، في ظل عمليات التضليل والخداع التي يقوم بها النظام الرسمي العربي الذي يتساوق مع الصهيونية".