فجّرت قضية اعتداء الطالبة "تالا" ابنة وزير الشؤون المدنية التابعة للسلطة الفلسطينية حسين الشيخ، على صاحب كافتيريا قرب جامعة بيرزيت، حالة من الاحتقان بين حركة الشبيبة الطلابية وكتلة اتحاد الطلبة التقدمية التابعة للجبهة الشعبية في حرم الجامعة.
وعلى إثر ذلك، اندلع شجار في حرم جامعة بيرزيت بين الكتلتين الطلابيتين مساء أول من أمس، أحدث حالة من الفوضى في أرجائه، ما أدى إلى إصابة عددٍ من الطلبة، نقلوا على إثرها إلى المستشفى، فيما أمرت إدارة الجامعة الطلبة بإخلائها.
وفي التفاصيل، فإن "تالا" أغلقت بسيارتها باب "كافتيريا" تعود لأسير محرر قرب الجامعة، ما دفع الأخير بالطلب بإزالة السيارة من مدخل باب رزقه، فما كان منها إلا أن ردت عليه "البلد إلنا أنت ما بتعرف أنا بنت مين"، وفق ما ذكر شهود عيان.
وأكد الشهود، أن "تالا" رشقت العصير في وجوه الموجودين قرب "الكشك" ونعتتهم بألفاظ نابية، وشتمتهم بأبشع الكلمات، كما ذكرت مصادر طلابية في جامعة بيرزيت أن أمن السلطة اعتقل عددًا ممن تواجدوا في المكان، بعدما تلقى اتصالاً من "ابنة الشيخ".
ويروي منسق القطب اليساري في جامعة بيرزيت باسل البرغوثي، أن السبب الرئيسي للشجار جاء بعدما وزّعت يوم الأربعاء الماضي، مجموعة من الطلبة بياناً تضمن شرح قصة "تالا الشيخ" وانتقد استنكار إدارة الجامعة للحدث رغم أنه وقع خارج أسوارها، خلافاً للصمت الذي تنتهجه حينما يتعرض طلاب آخرون للاعتداء من أمن السلطة أو قوات الاحتلال داخل حرمها.
وبيّن البرغوثي خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أن حركة الشبيبة اتهمت الإطار الطلابي التابع للشعبية، بالتشهير في "تالا" وطالبوه بالاعتذار عن ذلك.
وأوضح أن مجموعة من حركة الشبيبة الفتحاوية اعتدت مساء أول من أمس، بالضرب المبرح على الطالب هادي طرشة الذي ينتمي للإطار الطلابي التابعة للجبهة الشعبية.
وقال: إن الاعتداء جرى في غرفة مظلمة جداً، حيث تعرض للضرب بالعصي دون أي سبب يُذكر، ثم انتقل الشجار إلى خارج الغرفة بين الكتلتين، لافتاً إلى أن الاعتداء جرى بحضور منسق الشبيبة الفتحاوية.
وأشار البرغوثي إلى أن العراك بين الطلبة استمر قرابة 4 ساعات، وأسفر عن إصابة 7 منهم، منبّهاً إلى أن الخلاف لا زال قائماً.
وأضاف أن إدارة الجامعة اجتمعت مع الأطر الطلابية لإنهاء الخلافات، وفرضت عليهم شروطاً غير منصفة، وفق وصفه، أبرزها الاعتذار عن بيان الإطار الطلابي للجبهة الشعبية، وهو ما رفضه الأخير، واصفاً ذلك بالحل "غير المنصف".
وشدد البرغوثي، على ضرورة أن يكون هناك بيان موحد من الكتلتين يتضمن الاستنكار لما حدث بشكل عام، لكن "حركة الشبيبة ترفض ذلك، وتفرض شروطاً صعبة على كتلة الجبهة"، وفق قوله.
وأكد أن إدارة الجامعة تمارس ضغوطات على الإطار الطلابي للجبهة، لافتاً إلى أن الكتلتين لا زالتا تتوعدان لبعضهما، مما دفع إدارة الجامعة لاتخاذ قرار بإغلاق أبوابها لإغلاق اليوم.
زعرنة وبلطجة
بدورها، استنكرت كتلة اتحاد الطلبة التقدمية ما حصل في حرم الجامعة من اعتداء جسدي على أحد طلاب القطب الطلابي من مجموعة تابعة لحركة الشبيبة الطلابية.
ووصفت الكتلة في بيان صحفي لها، أن هذه الاعتداء غير المبررة تندرج ضمن مفهوم الزعرنة والبلطجة وغياب لغة الحوار والوعي لدى الطرف المعتدي.
وقالت إن هذا الاعتداء لا يمس القطب الطلابي فقط بل يمس كل الحركات الطلابية الأخرى وأمن الجامعة أيضاً، مؤكدة رفضها لما أسمته "البلبلة في حرم الجامعة".
وأدانت اعتداء حركة الشبيبة لفظياً على الفكر اليساري ككل، ووجود منسقها الذي هددّ الطالب "طرشة" بالقتل علناً وعلى مسمع ومرأى أمن وإدارة وطلبة الجامعة.
ودعت الكتلة، الأطر الطلابية إلى اتخاذ موقف واضح وصارم ضد هذا الاعتداء، مطالبةً إدارة الجامعة باتخاذ إجراءات صارمة بحق المعتدين.
إلى ذلك، عدّ الكاتب والمحلل السياسي برام الله صلاح حميدة، ما جرى في بيرزيت "إشارة سيئة على حيوية الحراك الطلابي في الجامعة".
واعتبر حميدة خلال حديثه مع "فلسطين"، الشجار الطلابي "انعكاسا للاحتقان السياسي في منظمة التحرير وتحديداً بين فتح والجبهة الشعبية، خاصة أن الأخيرة أصبحت أكثر تقارباً مع حركة حماس في قراراتها".
وأوضح أن النسيج الاجتماعي الفلسطيني أصابه انشقاق عمودي منذ توقيع اتفاقية أوسلو ويزداد يوماً بعد الآخر، مشيراً إلى أن "أوسلو" قسّمت الشعب الفلسطيني بطريقة فظيعة وجعلتهم أعداءً لبعضهم البعض.