فلسطين أون لاين

​في غضون ترقبها مآلات تشكيل حكومة الاحتلال

السلطة تأكل "الجوز الفارغ" بمراهنتها على تغيير سياسي إسرائيلي

...
صورة أرشيفية
رام الله/ حازم الحلو:

رأى محللان سياسيان أن استمرار تعلق السلطة الفلسطينية بأمنيات مفترضة لمآلات نتائج تشكيل الحكومة في دولة الاحتلال هو انتظار بغير جدوى، ووصفة سريعة لمواصلة الانحدار في السياسة الفلسطينية، مشيرين إلى أن السلطة بسلوكها الحالي تثبت على نفسها المثل الشعبي الذي يقول "اللي بيجرب المجرب عقله مخرب".

وذكر المحللان أن السلطة منذ نشأتها تعاملت مع أطياف الأحزاب السياسية الإسرائيلية كافة، ولم تعد من تلك التعاملات إلا بخفي حنين ونزيف حاد في الحقوق الفلسطينية وتخلٍ متوالٍ عن ثوابت شعبنا.

ولا تخفي السلطة الفلسطينية رغبتها في إزاحة بنيامين نتنياهو عن صدارة المشهد السياسي في دولة الاحتلال، في وقت راجت فيه أحاديث عن وجود توصية من السلطة للقائمة العربية التي فازت بعدد من المقاعد بأن تدعم بيني غانتس خصم نتنياهو الفائز في الانتخابات، حتى يظفر زعيم حزب كاحول لافان بمنصب رئيس الحكومة ويبوء نتنياهو بالسجن جزاء وفاقا على فساده.

سذاجة سياسية

وأكد المحلل السياسي محمد حمادة أن هذا المسعى من السلطة يحمل صفتي الضعف والسذاجة في آن واحد، فكيف للسلطة التي يفترض بأنها ترعى حقوق الشعب الفلسطيني أن تضع بيضها في سلة جنرال عسكري قتل آلاف الفلسطينيين وجعل من هذه المقاتِل دعاية انتخابية له؟.

وذكر في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن ضياع بوصلة السلطة قد فعل الأفاعيل بها، فلا هي قاومت الاحتلال ووقفت له ندا، ولا هي تركت الشعب الفلسطيني يقوم بذلك عبر فصائله التي تؤمن بالمقاومة حلا ناجعا لكنس الاحتلال.

وأعرب حمادة عن أسفه لاستمرار السلطة في غيها وضعفها وتضاد موقفها مع موقف عموم الشعب الفلسطيني، منبها إلى أن ابتعاد السلطة الفلسطينية عن موقف باقي الفصائل في هذه المرحلة يشير إلى ما ينتظرها بعد وضوح ملامح الخريطة السياسية في دولة الاحتلال.

ولفت إلى أن ساسة السلطة سيدركون في وقت لن ينفع فيه الندم بؤس خياراتهم السابقة بالمراهنة على العلاقة مع الاحتلال، كخيار وحيد لاستعادة الحقوق الفلسطينية وبناء الدولة الموعودة.

وأرجع حمادة أسباب هذه الغفلة السلطوية إلى استمرار تفرد حركة فتح بالقرار الفلسطيني وممارسة السلطة سلوكها الأمني المرفوض في الضفة الغربية تجاه كل أنماط المقاومة بما فيها المقاومة غير المسلحة.

ودعا السلطة إلى التراجع عن موقفها المتهالك وانتهاز فرصة مبادرة الفصائل الفلسطينية من أجل استعادة الوحدة الوطنية، منبها إلى أن هذا الأمر في حال حدوثه سيؤسس لإستراتيجية فلسطينية خالصة تصفع الاحتلال وتنتزع الحقوق.

موقف ضعيف

من ناحيته أكد المحلل السياسي خالد عمايرة، أن موقف السلطة الضعيف متوقع ولا يحمل مفاجأة لمتابعي الشأن السياسي الفلسطيني، لافتا إلى أن السلطة بالأساس لا تملك أي خيارات بديلة أو خطوات مضادة لإضعاف السلوك الإسرائيلي العدواني ضد الشعب الفلسطيني.

وبين في حديث لصحيفة "فلسطين" أن هذا العجز في اجتراح الأدوات ليس وليد الصدفة أو اليوم، وإنما يمتد إلى سنوات طوال مضت حصرت فيها السلطة خياراتها في المفاوضات فقط مع الاحتلال وكبح جماح أي سلوك مقاوم أو رافض لمسار التسوية.

وذكر عمايرة أن رهان السلطة على حدوث تغيير سياسي في دولة الاحتلال لصالح إعطاء الفلسطينيين حقوقهم في جوهره هو بيع للوهم وسراب بقيعة، مشددا على أن ناتج الانتخابات ما هي إلا خلاصة المجتمع الإسرائيلي الدموي.

وأشار عمايرة إلى أن الشواهد على عدم جدية السلطة كثيرة ويمكن ملاحظتها بوضوح، إذ لا تزال غير عابئة بالجبهة الداخلية الفلسطينية ومقتضيات تمتينها عبر رفع العقوبات عن قطاع غزة والتوجه للمصالحة مع حركة حماس.

وبين أن نتنياهو يستند في ذلك على ذوق سياسي فاسد للمجتمع الإسرائيلي، ففي الوقت الذي يحاسَب فيه نتنياهو على تجاوزاته فإن المجتمع الإسرائيلي ما زال يمنحه نسبة لا بأس بها من التأييد.

وأوضح عمايرة أن خارطة الأحزاب في دولة الاحتلال شهدت تغيّرا كبيرا في السنوات الأخيرة إذ اختفى – أو يكاد – تيار اليسار في دولة الاحتلال، الأمر الذي يشير إلى حالة التطرف التي تنتاب الشارع الإسرائيلي.

ورأى أن أفضل ما تقوم به السلطة إن أرادت رشدا سياسيا هو المسارعة في بناء جبهة فلسطينية موحدة متفقة على التمسك بالحقوق والثوابت الفلسطينية، مشددا على أن هذه الخطوة هي واجب اللحظة الذي لا يمكن تجازوه، مؤكدا في الوقت نفسه أنه كان يجب على الفلسطينيين ألا ينتظروا الوقوع في الأزمات من أجل إنهاء الانقسام الذي أضر بهم كثيرا التأخر في إنجازه.

وشدد عمايرة على أهمية أن تصارح السلطة الشعب الفلسطيني، ومصالحته، والالتفات إلى المجموع الفلسطيني، ونبذ أي التزامات أملتها الاتفاقات السابقة وساهمت في إضعاف مكانة وتأثير السلطة سياسيا في القضية الفلسطينية.