فلسطين أون لاين

السلْم الاجتماعي، والشجار العائلي!

السلْم الاجتماعي، والشجار العائلي!

من الممكن القول إن مجتمع غزة كله مجتمع مقاوم، وهذا يعني أن جل البيوت في غزة تمتلك قطعة سلاح أو أكثر. ثمة سلاح في البيوت بحكم مشاركة الأبناء في فصائل المقاومة، وثمة سلاح في البيوت ليس للمقاومة، وإنما هو لأفراد من العائلة.

السلاح موجود، والشجار بين العوائل يحدث في كل البلاد، بل في كل الأمكنة، وتزداد شراسته في الأرياف، وفي مناطق البداوة، ومجتمعات الثأر. قطاع غزة ليس ريفا كله، وليس بدوا كله، وليس ثأرا كله، ولكن شراسة الشجار بين العوائل تنبع من خلال ما ذكرنا من الأسباب، ومن خلال وجود السلاح.

حين ينتهي الشجار بين العوائل بالقتل، وبالإصابات الخطيرة، فإن جرسَ خطرٍ يجدر أن يعلو صوته في مكاتب المسؤولين عن الأمن، وجدير بهم أن يبادروا لفرض سيادة القانون بقوة الشرطة، وبتعاون المقاومة، وتأخير ذلك العلاج ربما يزيد في النار التي تحرق المجتمع، وتعيد غزة إلى مرحلة الفلتان الأمني.

أنا لا أريد الحديث في الشجار الأخير في خان يونس، لأنني لا أريد تشخيص المشكلة في أطرافها، وأريد أن أعالج مشاكل الشجار في شكلها العام، فما حدث لم يكن أول شجار، ولن يكون الأخير، وربما تعاني غزة مما هو أعظم، ولكن بما أن إغلاق الأونروا مدارسها وعياداتها في منطقة الشجار الأخير فإن ذلك يدل على أن ثمة خطرا كبيرا محتملا أثر في قرار الأونروا.

حين يقع شجار بين العوائل فإن على عقلاء العوائل دفْع أبنائهم على ترك السلاح، وتجنب حمله في ساعات الغضب، حتى لا تؤجج الضحايا نار الشجار والقتال، وتدفع إلى تزايد الأعداد المتضررة، وحتى لا تقع ضحايا بريئة لا تنتمي لطرفي الشجار، وعلى الشرطة المبادرة لإنزال قوات التدخل السريع لردع الطرفين عن مواصلة الغضب والشجار، وعلى المحققين من الشرطة تكثيف التحقيقات، وإنجاز الملفات بسرعة، وعلى القضاء التعجيل في إجراءات الفصل في القضايا.

أقول هذه المطالب أولا لأنها من حقوق المجتمع والناس. وأقولها ثانيا لأن مجتمعنا مسلح، وأقولها ثالثا لأن هناك طابورا خامسا يبث الإشاعة، ويستجيب لمطالب خارجية لتدمير السلم الاجتماعي لصالح أطراف معادية. يجب أن يبقى الشجار حدثا عاديا مرفوضا، وأن يبقى بحجمه الطبيعي بغير استغلال من أحد، ولا استثمار من متربصين بالمجتمع شرا!