فلسطين أون لاين

​"بتسيلم": الخليل نموذج لعمليات تهجير (إسرائيل) للفلسطينيين قسراً

...
الناصرة/ فلسطين أون لاين

قال مركز المعلومات لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمدت دفع المواطنين الفلسطينيين إلى التهجير القسري من ممتلكاتهم وأرضهم في محافظة الخليل، تحت ذرائع "الأمن الإسرائيلية".

وأظهر تقرير نشره "بتسيلم" مساء اول من أمس، كيف تعمد الاحتلال دفع المواطنين للتهجير القسري، مشيرًا إلى أن (إسرائيل) تطبق منذ 25 عامًا في منطقة مركز مدينة الخليل سياسة فصل معلنة تهدف إلى تمكين ثلّة من سكّان المدينة اليهود من العيش وكأنّهم ليسوا مستوطنين في قلب مدينة فلسطينيّة مكتظّة في قلب منطقة محتلّة.

وأوضح أن هذه السياسة تتجاهل تمامًا احتياجات سكّان المدينة الفلسطينيّين وتحكم عليهم بالعيش في معاناة لا تطاق، معاناة تدفعهم إلى الرّحيل عن منازلهم وكأنّما بمحض إرادتهم.

وأشار إلى أنه نتيجة لوجود المستوطنين في المدينة وقّعت (إسرائيل) ومنظّمة التحرير في عام 1997 اتّفاقًا موضعيًّا يخصّ الخليل، قُسّمت المدينة بموجبه إلى منطقتين: منطقة 1H التي كان يسكنها في ذلك الحين نحو 115 ألف فلسطينيّ، نُقلت الصّلاحيات الأمنيّة والمدنيّة فيها إلى السّلطة الفلسطينيّة، ومنطقة 2H التي تشمل البلدة القديمة وجميع الأحياء الاستيطانيّة وكان يسكن فيها آنذاك نحو 35 ألف فلسطينيّ ونحو 500 مستوطن.

وبين أن المنطقة الثانية ظلّت الصلاحيّات الأمنيّة في يد (إسرائيل) ولم يُنقل ليد السّلطة الفلسطينيّة سوى الصلاحيّات المدنيّة المتعلّقة بالسكّان الفلسطينيّين.

ولفت التقرير الى ان نحو 700 مستوطن يسكنون في منطقة 2H، وفي مساحة تبلغ نحو 800 دونم، وتشمل المناطق الملاصقة لمنازل المستوطنين وللشوارع التي يستخدمونها، ومن هؤلاء نحو 400 مستوطن يقيمون في المدينة بشكل دائم، ونحو 300 يدرسون في المدرسة الدينيّة "شْفي حفرون".

وذكر أن عدد الفلسطينيّين هناك يبلغ اليوم نحو 7,000 منهُم نحو ألف يقيمون في مساحة ضيّقة تبدأ من منطقة الحرم الإبراهيمي مرورًا بشارع الشهداء ثمّ وصولًا إلى حيّ تل رميدة، وهو الحيّ الذي يشمل التجمّع الاستيطانيّ الأكبر.

وتُطرح في السّنوات الأخيرة مخطّطات رسميّة وغير رسميّة لتوسيع الاستيطان وتطوير "مشاريع سياحيّة" في المنطقة التاريخيّة في الخليل وإذا تحقّقت هذه المخطّطات فسوف يتضاعف عدد المستوطنين في الخليل خلال السّنوات القريبة.

وتطرق التقرير الى انه ومن أجل تطبيق نظام الفصل، فرضت (إسرائيل) مجموعة من القيود الصّارمة على حركة الفلسطينيّين، حيث أنشأت في قلب المدينة شريطًا متّصلًا ومعزولًا عن بقيّة أجزاء المدينة تمنع دخول الفلسطينيّين إليه مشاة أو راكبين أو تتيح ذلك وفق قيود مشدّدة.

وأوضح أن التدابير المخصّصة لتقييد الحركة وإبعاد الفلسطينيّين عن الشوارع الرئيسة وعن محيط منازل المستوطنين تشمل 22 حاجزًا و65 سدّة من موادّ مختلفة.

وأكد ان منظومة الحواجز والسدّات تؤثّر في المدينة على جميع الفلسطينيّين في المنطقة أو المارّين عبرها، "إنّه نظام يجعل حياتهم جحيمًا لا يُطاق، إذ يمنعهم من إدارة مجرى حياة معقول ويحكم عليهم بالعيش في حالة دائمة من انعدام اليقين، وأيّ تحرّك لأجل قضاء أبسط الحاجات يُلزمهم عبور حاجز وأحيانًا حواجز عدّة.

وأشار التقرير إلى أن نظام الفصل الذي تفرضه (إسرائيل) في الخليل يلازمه كجزء لا يتجزّأ من سياسة الفصل وإن كان غير معلن، عُنف روتينيّ يمارسه عناصر قوّات الجيش والمستوطنون ضدّ سكّان المدينة الفلسطينيّين.

وبين أن التواجد العسكريّ يفرض على سكّان المدينة الاحتكاك اليوميّ والمستمرّ بعناصر قوّات الجيش في الحواجز والشوارع الذي يرافقه إذلال متواصل عبر الاعتداء الجسديّ وتلقّي التهديدات والإهانات، كما يعاني السكّان من اقتحام الجيش لمنازلهم بصورة متكرّرة غالبًا في ساعات اللّيل، ومن الاعتقالات التعسّفيّة.

وأكد التقرير أن "هذا الواقع الجحيميّ الذي فُرض على الفلسطينيّين أتى بالنتائج التي تأملها (إسرائيل)، آلاف الفلسطينيّين رحلوا عن منطقة مركز المدينة فتحوّلت إلى مدينة أشباح، فلا يقيم في هذه المنطقة اليوم سوى الفلسطينيّين الذين لا يملكون خيارًا آخر".

وأضاف "هكذا هُجرت وتآكلت أجزاء بأكملها من منطقة مركز المدينة، الجزء التاريخيّ، والذي كان في السّابق مركزًا تجاريًّا يعجّ بالنشاط ويتقاطر إليه الفلسطينيّون من منطقة جنوب الضفة كلّها".

واعتبر "بتسيلم" أن الرحيل القسريّ لآلاف الفلسطينيّين بهذه الطريقة وإغلاق مئات المحالّ التجاريّة يشكّل خرقًا للقانون الدوليّ الذي يحظر النقل القسري ويعتبره جريمة حرب.

وأكد التقرير أن الاستيطان في الخليل شاذّ من حيث أنه يقوم في قلب مدينة فلسطينيّة كبيرة، لكنّ السّياسة المتّبعة في الخليل، وإن كانت متطرّفة، فهي تماثل في جوهرها السّياسة التي تطبّقها الدّولة في بقيّة أراضي الضفّة الغربيّة.

وتابع إنها "سياسة تعتبر أنّ أراضي الضفة وُجدت أصلًا لخدمة احتياجات (إسرائيل) وهي سياسة تتجاهل باستمرار مصالح الفلسطينيّين وتقدّم عليها مصالح المستوطنين. أمّا الغطاء القانونيّ لهذا كلّه فتوفّره الأوامر العسكريّة والتوصيات القضائيّة وقرارات المحكمة العليا التي تشرعن وتبرّر جميعها استمرار الاحتلال والنهب".

وأردف قائلًا "كما تنعكس هذه السياسة بشكل صارخ على نحوٍ خاصّ في المناطق التي تسكنها التجمّعات الفلسطينيّة الصّغيرة في المناطق C بالضفة، وبعضها مستضعف أكثر حتى من التجمّعات المتبقّية في منطقة H2 في الخليل".

وأكد أن (إسرائيل) "تسعى لتحقيق غاية مشابهة وهي تفريغ هذه المناطق من سكّانها الفلسطينيّين كتحصيل حاصل للظروف القاهرة وغير المحتملة التي فرضتها عليهم ثمّ تثبيت السيطرة الإسرائيليّة عليها عبر توسيع المستوطنات والاستيلاء على الأراضي الزراعيّة".