أكد رئيس مكتب العلاقات الدولية بحركة المقاومة الإسلامية حماس، د.موسى أبو مرزوق، عدم وجود تطور في الاتصالات بشأن المعتقلين الفلسطينيين من كوادر وقيادات الحركة لدى السلطات السعودية، وأن حراك حماس دائم من أجل الإفراج عنهم، فيما أشار إلى أن هناك توجها بإنهاء مخيمات اللجوء الفلسطينية، كما صار بالتجمعات الفلسطينية في الكويت والعراق وسوريا، واليوم في لبنان.
وقال أبو مرزوق، وهو عضو مكتب سياسي بحماس، في حوار خاص بصحيفة "فلسطين"، إن الإجراءات الأخيرة في مخيم "المية ومية" في لبنان، التي سبقتها إجراءات مخيم "عين الحلوة"، ما هي إلا لخلق بيئة طاردة في المخيمات، مع وجود مكاتب هجرة تعمل على تهجير شعبنا، بالإضافة إلى أن ضعف خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، والسعي لشطب موضوع اللاجئين عن الأجندة الدولية، أحد أهداف "صفقة القرن".
وبين أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يتعرضون للتنكيل والإجراءات اللبنانية ضدهم، ما تسبب بتراجع أعدادهم، مشددا على وجوب حصول الفلسطيني على حقوقه المدنية، ومعاملته معاملة كريمة كلاجئين لا وافدين.
وطالب الدولة اللبنانية بالتراجع الفوري عن جميع الإجراءات المتخذة ضد أبناء الشعب الفلسطيني سواء قرار وزارة العمل أو الأسلاك الشائكة حول المخيمات أو غيرها، مردفا أن هذه الإجراءات لا تخدم العلاقة اللبنانية الفلسطينية، وإنما تندرج ضمن خدمة مضامين وأهداف "صفقة القرن" التي تسعى إلى شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وبشأن قرار المحكمة الابتدائية الأوروبية بشطب حركة حماس من لوائح "الإرهاب" لديها، وصف أبو مرزوق القرار بالخطوة الإيجابية والانتصار لكل المؤيدين لحق شعبنا في المقاومة، لافتاً إلى أن الحركة وضعت على قوائم "الإرهاب" الأوروبية تعسفياً، وطالبت مرارا بتصحيح هذا الوضع غير العادل.
وأكد أن حماس ستستمر في معركتها القانونية حتى الرفع الكامل، منوها إلى أن القرار الأوروبي بتصنيفها "سياسي بالدرجة الأولى".
وقال إن الدول الأوروبية تدرك يقينا عدم استطاعتها لعب أي دور رئيس في فلسطين دون حماس، وهي تتواصل مع الحركة بأساليب مختلفة، مشيرا إلى أن حركته تتعرض منذ اليوم الأول لنشأتها لملاحقات داخل فلسطين وخارجها، ما ولّد لديها قدرة عالية على التكيف وإعادة هيكلة التنظيم بسرعة عالية.
العلاقات الخارجية
وأوضح أن علاقات حماس بالدول العربية والإسلامية مرت بحالات مد وجزر، مؤكداً أنها كانت وما زالت حريصة على إقامة علاقات متوازنة مع كل الدول على قاعدة أن فلسطين هي القضية المركزية للأمة.
واستدرك "إلا أن عدداً من الأنظمة، استهدف كوادر الحركة وشبكات تمويلها والمحبين لها في الخارج؛ خدمةً لأجندة أمريكية وإسرائيلية، حيث إننا لا نتدخل في شؤون هذه الدول الداخلية، وكنا نفضل الحراك الدبلوماسي، وممارسة الصمت الإعلامي حيال أي انتهاكات تتعرض لها كوادرنا، رغبةً منا بالعلاج الهادئ لهذه الإشكاليات".
وأضاف "رغم الظلم الشديد الذي نتعرض له، إلا أن الخير في الأمة لا ينقطع، فمنها من يساهم في تقديم الدعم بكل أشكاله لشعبنا الفلسطيني وحركة حماس".
وحول تطور علاقات حركته مع محور الممانعة (إيران سوريا)، قال أبو مرزوق: "لدينا علاقاتنا الثنائية مع جمهورية إيران وعلى مستويات متعددة ومتقدمة، ونحن على تواصل مستمر مع أصدقائنا وحلفائنا في مختلف القضايا، لكن يبقى قرارنا مستقلا، ونقدّم فيه مصلحة القضية الفلسطينية، أما بالنسبة لسوريا فلا يوجد علاقات معها منذ أن خرجنا مضطرين منها".
وإذا ما حدث أي تطور بشأن المعتقلين في السعودية، أشار إلى أن حماس تواصل مساعيها مع السلطات للإفراج عنهم، لافتا إلى عدم وجود أي تطور في الاتصالات بشأنهم. وأضاف "أما عن الوساطات إن أرادت أن تعلن عن نفسها فلها ذلك".
مبادرة الفصائل
وعن مبادرة الفصائل للمصالحة أكد أبو مرزوق أنها "قيد الدراسة من حماس التي تنظر إليها بشكل إيجابي، وموقفها ذو مرونة عالية تجاه أي مبادرة تهدف لإنهاء الانقسام"، مضيفا: "قلنا للجميع مرارا وتكرارا إننا خارج معادلة الانقسام، وأبدينا إيجابية عالية، دون اشتراطات، وغلّبنا مصلحة الشعب ومصلحة أهلنا في غزة على أي هدف آخر، وكل قضية يمكن أن تكون مثار شك، حاولنا توضيحها حتى لا يكون هناك لوم على الحركة".
وتابع: "لا يمكن أن نقول إن شعبنا غادر مربع الانقسام ما دام طرف داخله بقي مُعرضا أو مستنكفا، وما دامت حركة فتح لم تلتمس حاجة الشعب الفلسطيني للمصالحة والسير قدما لها".
ودعا فتح للتعاطي الإيجابي مع المبادرة وتغليب المصلحة الوطنية، وقبول الشراكة بدلاً من الإقصاء، والتوقف عن سيل التصريحات المتعلقة بالمقاومة استجابةً للضغوط الأمريكية أو الإسرائيلية.
مسيرات العودة
وعن استمرارية مسيرات العودة وكسر الحصار، والنتائج التي حققتها، أوضح عضو المكتب السياسي لحماس، أن المسيرات خرجت لتطالب بكسر حصار قطاع غزة، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وهي امتداد للانتفاضات الشعبية التي قام بها الشعب الفلسطيني لمقاومة المحتل الإسرائيلي.
وأضاف أبو مرزوق أن المسيرات أعادت إحياء السيرة الأولى للقضية الفلسطينية بنقائها، وأعادت إبراز حق العودة حقا أصيلا لم يتنازل الأبناء عنه، وأوصلت هذه الرسالة إلى العالم، ما ساهم في التأثير الإيجابي على الرأي العام العالمي، كما أنها وضعت مسألة الحصار على أجندة القوى الإقليمية والدولية، وأن مليوني فلسطيني يرفضون الخضوع ومستمرون في مساعيهم لفك الحصار اللاإنساني عنهم.
وعد المسيرات تعبيرا عن روح المقاومة الشعبية التي يتوافق عليها جميع قوى شعبنا، وترجمة حقيقية وفاعلة للعمل الفلسطيني المشترك "حيث عملت قوى شعبنا بروح وطنية في ظل قيادة مشتركة للهيئة العُليا لمسيرات العودة، وهي قيد المراجعات والتطوير بشكل مستمر من قبل الهيئة العليا وعموم شعبنا ونخبه".
وأردف أن "دعمنا للمسيرات ينسجم مع إستراتيجية الحركة التحررية التي تتبنى المقاومة بكل أشكالها، والسعي المستمر لامتلاك مُقدّرات القوة على اختلاف طبيعة الأدوات المتاحة وتوظيفها في معركة التحرر الوطني، ونحن نؤمن بقوة شعبنا ونراهن عليه في صد المؤامرات التي تواجهه".
كما أسهمت مسيرات العودة، والحديث لأبو مرزوق، في عرقلة "صفقة القرن" ورفضها بصوت شعبي هادر في ظل صمت عربي ودولي مُحزن، وخلقت أجواء ساهمت في كبح الأنظمة المتساوقة معها، مردفا: "معلوماتنا تُشير إلى أنها أربكت حِسابات مهندسي الصفقة".
تفاهمات وعقوبات
وبخصوص مدى التزام الاحتلال بتطبيق تفاهمات كسر الحصار، ذكر أن الاحتلال يتراجع دائما عن التزاماته إلا في حال وجود قوة تفرض عليه ذلك، وهذا ديدنه، مشددا على "أننا مع استرداد حقوق شعبنا ورفع الظلم عنه بأي شكل، ومن ذلك كسر الحصار عن غزة أو تخفيف حدّته، ليعيش شعبنا بكرامة وعزة، دون وجود أي التزامات سياسية".
وأكد أن الوحدة الفلسطينية أكبر عوامل الضغط على الاحتلال لكسر الحصار وإنهاء هذه الحالة المأساوية في قطاع غزة.
وبشأن خطورة استمرار العقوبات التي تفرضها السلطة على القطاع، عدّ أبو مرزوق عقوباتها على شعبنا بقطاع غزة لا أخلاقية ولا وطنية، مضيفا: "لا أدري كيف لحركة فلسطينية تقبل على نفسها ممارسة القهر على شعبنا وتمنع المال والدواء والحياة عنه لأسباب سياسية".
وشدد على أن المطلوب من حركة فتح والسلطة إنهاء جميع العقوبات التي فُرضت على قطاع غزة فوراً دون قيد أو شرط، مردفا أن الخلافات السياسية موجودة بين فصائل شعبنا الفلسطيني، وكذلك الاجتهادات داخل الأحزاب وخارجها، إلا أن إقحام حقوق الناس المالية في الخلافات السياسية أمر غير معهود في تاريخ شعبنا النضالي".