اختلف الشكل العام لشبكة الطرق في الضفة الغربية تبعا للظروف السياسية والعسكرية التي مرت بها المنطقة، فقبل حرب عام 1948 كانت شبكة الطرق تأخذ محورا من الشرق إلى الغرب، حيث كانت تربط الأجزاء الداخلية من فلسطين بالسهل الساحلي والموانئ الفلسطينية على ساحل البحر.
وبعد عام 1948 أغلقت الطرق التي تربط المنطقة بالسهل الساحلي، وفي عام 1967 كانت شبكة الطرق في الضفة الغربية تشبه عظمة السمكة، حيث كان الخط العام الرئيسي يمتد في وسط الضفة الغربية من الشمال إلى الجنوب وتتفرع منه الطرق للشرق والغرب.
بعد عام 1967 سار تخطيط الطرق بما يوافق المفاهيم الجغرافية الإستراتيجية الإسرائيلية، وكان المفهوم السائد حتى أواسط السبعينيات هو مشروع "ألون" الذي يفترض إيجاد خطوط شمال جنوب تصل بين وادي الأردن و(إسرائيل)، وتم تطوير محاور الطرق شمال جنوب خاصة على الساحل الشرقي للبحر الميت، والتي منها طريق أريحا - عين جدي المحاذي لساحل البحر الميت، وتحدد الخطة الرئيسية في الضفة الغربية المبادئ التالية:
- إنشاء مستوطنات جديدة والوصل بين كتل المستوطنات القائمة وتحسين البنية التحتية للمستوطنات.
- تجنب المراكز المدنية العربية الرئيسة.
وينصب الاهتمام الإسرائيلي على الطرق الممتدة من الضواحي الاستيطانية الجديدة الواقعة نحو منطقة (تل أبيب)، وكذلك ربط منطقة القدس، كما تعمل هذه الخطة على إيجاد وصلات طرق مباشرة بين الطرق القائمة بين مناطق المستعمرات شرق الضفة الغربية وغربها وشمالها مع بذل أكبر الجهود لتجنب المدن العربية الكبيرة.
وهناك نوعان من الطرق في الأراضي الفلسطينية:
- الطرق الرئيسة: تتكون من محاور شمالية - جنوبية ومحاور شرقية - غربية، ويشمل النوع الأول من هذه المحاور، الطريق الجبلية التي تمتد من جنين شمالا عبر نابلس ورام الله وبيت لحم والخليل وحتى الظاهرية جنوبا، وطريق الأغوار- البحر الميت على طول المنطقة الشرقية في الضفة الغربية.
أما النوع الثاني من المحاور (الشرقية – الغربية) فتشمل بشكل أساس طريق جسر دامية- نابلس- طولكرم- والتي يتفرع منها عند نابلس طريق آخر يصل إلى قلقيلية وطريق جسر اللنبي – أريحا – رام الله – بيت سيرا وطريق أريحا – القدس. وبلغت أطوال الطرق الرئيسية في الضفة الغربية 424 كم عام 1967، وبلغت عام 1997 نحو 634.1 كم.
- الطرق الإقليمية: تتكون الطرق الإقليمية في الأراضي الفلسطينية من عدة محاور طولية وعرضية، بلغ طولها في الأراضي الفلسطينية حوالي 486.5 كم.
- طريق رقم (60):
وهي طريق سريعة تشطر الضفة الغربية من الشمال إلى الجنوب، وتعتبر الشريان الرئيسي للطرق الالتفافية الجديدة التي تمر حول المدن الفلسطينية الرئيسية، وتبدأ هذه الطرق من العفولة وهي بلدة إسرائيلية تقع شمال الخط الأخضر مرورا بوسط مدن جنين ونابلس ورام الله والقدس وبيت لحم والخليل، وتقع الطريق السريعة رقم (60) كلها تقريبا في المنطقة "ج" وهذا يوفر ممرا تتحكم فيه (إسرائيل).
- شارع رقم (90) طريق أريحا – عين جدي:
وهي طريق قديمة تشطر الضفة الغربية من الشمال إلى الجنوب على طول غور الأردن، وتبدأ هذه الطريق من بيسان إلى الشمال من الخط الأخضر مرورا بمنطقة غور الأردن أريحا، ويستمر جنوبا حتى عين جدي على البحر الميت، ويستمر في الامتداد على طول الحدود الشرقية لفلسطين حتى مدينة إيلات أقصى جنوب فلسطين المحتلة. ويقع معظم هذا الخط داخل المنطقة "ج"، ويخدم هذا الطريق عددا كبيرا من المستوطنات التي أقيمت على جانبيه.
- شارع رقم (80):
يعدّ من أهم وأخطر الشوارع التي صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية نهاية عام 1998 بعد اتفاق واي ريفر، ويخترق هذا الشارع صحراء الخليل باتجاه النقب جنوبا، ويقع الجزء الأكبر منه داخل أراضي الضفة الغربية، ثم يعبر الخط الأخضر إلى داخل الأراضي الإسرائيلية في النقب، والهدف الأساسي لهذا الشارع هو ربط النقب في الجنوب بمنطقة القدس ونابلس في الشمال وذلك من أجل تجنب المرور التجمعات الفلسطينية في بيت لحم والخليل.
قامت السلطات الإسرائيلية بشق الطرق العابرة في الضفة الغربية لخدمة الاستيطان، وتتصل جميع هذه الطرق بغور الأردن، حيث أن الهدف من هذه الطرق ومن امتدادها لغور الأردن هو خدمة الأنشطة الاقتصادية داخل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وتأمين تصدير البضائع عبر شبكة طرق مباشرة من الأغوار الى الموانئ على سواحل البحر الأبيض المتوسط، ومن هذه الطرق:
- طريق عابر السامرة:
قامت دولة الاحتلال بإنشاء طريق عابر السامرة الذي يبدأ من تل أبيب ويتجه شرقا مخترقا الخط الأخضر باتجاه الضفة الغربية عند قرية كفر قاسم، ويستمر عبر عدد من القرى العربية ويمتد شرقا حتى غور الأردن.
- طريق القدس – غور الأردن:
يفصل هذا الطريق الضفة الغربية شمالها عن جنوبها، كما أنه يمر في أراضي خالية من التجمعات السكانية العربية.
- طريق غوش عتصيون:
يبدأ من الأراضي المحتلة عام 48 ويتجه شرقا مخترقا الخط الأخضر باتجاه الضفة الغربية والغرض من هذا الطريق العبور إلى غور الأردن وساحل البحر الميت.
- طريق جنوب الخليل:
يخترق هذا الطريق صحراء يهودا من الجنوب وله هدف استراتيجي والغرض منه العبور إلى منطقة البحر الميت.
- طريق شمال جنين:
يعبر هذا الطريق جنين ويتجه شرقا ليصل إلى منطقة غور الأردن مرورا بمستوطنتي حومش و مفو دوتان.
فيما يلي نلقي الضوء على بعض هذه الطرق الالتفافية منذ اتفاق "أوسلو":
أ. طريق الخليل – حلحول:
تمتد هذه الطريق حول الخليل ويبلغ طولها 12كم وعرضها مترا، وهي تقطع مباشرة أكثر الأراضي خصوبة في القسم الجنوبي من الضفة، فهي تمر حول يطا والخليل شرقا، وعبر أراضي الشيوخ وحلحول وسعير وبيت أمر.
ب. الطريق السريعة رقم (35):
تم شق هذه الطريق بالتنسيق مع طريق الخليل- حلحول الالتفافية بحيث تخترق الخليل لتربط كتلة من مستوطنات عتصيون بالطريق السريعة رقم (60)، يبلغ طول هذا الطريق نحو 14كم وقد صادر نحو 3500 دونم من الأراضي.
ت. طريق بيت لحم – بيت جالا الالتفافية:
تعد أكثر الطرق الالتفافية تعقيدا، وثمة نفقان وجسر ستربط مستوطنة جيلو شرقي القدس بكتلة عتصيون إلى الغرب من الطريق السريعة رقم (60).
ث. طريق القدس – رام الله الالتفافية:
يشق هذا الطريق في منطقة القدس شمالا بطول يصل حوالي 9 كم، يبدأ هذا الطريق الالتفافي من القدس لينتهي إلى جنوب غرب رام الله عابرا أراضي قرى بير نبالا والجديرة ورافات.
ج. طريق البيرة – رام الله الالتفافية:
تربط هذه الطريق المستوطنات الواقعة شرق رام الله وغربها ببعضها وبالطريق السريعة رقم (60) وتبدأ الطريق شرق رام الله من مستوطنة مخماس ثم تمتد شمالا حول البيرة، ثم تمضي جنوبا إلى الجهة الغربية من رام الله لترتبط بمستوطنة غفعات زئيف، وقد أدى إقامتها وقربها من الكتل الاستيطانية الى خسارة القرى الفلسطينية نحو 75% من أراضيها الزراعية.
ح. شارع كفار تفوح الالتفافي:
بتاريخ 18/11/1998 شرعت سلطات الاحتلال بشق شارع التفافي يربط بين مستوطنة كفار تفوح ومستوطنة عيليه إلى الجنوب من مدينة نابلس، ويمر هذا الشارع من أراضي الساوية واللبن الشرقية.
خ. طريق نابلس الالتفافية:
تعتبر أكبر طرق نابلس الالتفافية، حيث يبلغ طولها 24 كم، وتربط مستوطنة ألون موريه شمال شرق نابلس بالمستوطنات إلى الشرق والجنوب، وتبدأ هذه الطريق من ألون موريه وتمضي جنوبا عبر أراضي دير الحطب.
د. طريق شفي شومرون – جبل عيبال الالتفافية:
صادر هذا الطريق 2400 دونم من أراضي دير شرف والناقورة وبيت إيبا الواقعة إلى الغرب والشمال الغربي من نابلس؛ لبناء طريق بطول 8 كم تحيط بنابلس شمالا.
ذ. شارع رقم (70):
بدأ العمل في يوم 15/11/1998 بتجريف أراض تبلغ مساحتها 3200 دونم لشق الشارع الذي يربط المستوطنات الإسرائيلية من علمون حتى كفار أدوميم، مرورا من أراضي قريتي عناتا وحزما بطول 3200م وعرض 100م، وقامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة الأراضي وشق الشارع استنادا إلى قرار يحمل رقم 70-98/4 الذي يقضي بنزع الملكية، والصادر طبقا للقوانين الانتدابية البريطانية وقوانين الأراضي الأردنية لسنة 1935 قانون استملاك الأراضي للمصلحة العامة.
ر. شارع رقم (45):
أعلن مجلس التنظيم الأعلى الاسرائيلي بتاريخ 21/11/1998 عن بدء المشروع الهيكلي التفصيلي رقم 9021، للطريق رقم (45) في مقطع دورا - مودعين سفوح بيت حورون في القسم الواقع إلى الشرق من شارع خربثا- بيت سيرا، أدى شق هذا الشارع الى تدمير سبعة آلاف دونم.
ز. الطريق رقم (447):
أمرت الإدارة المدنية الإسرائيلية بمصادرة أراضي فلسطينية خاصة لإقامة الطريق في 4 فبراير 1994، تعزز هذه الطريق البنية التحتية للحركة بين مستوطنة أريئيل والمستوطنات الواقعة جنوب الطريق الرئيسية بين أريئيل وداخل الكيان، يؤدي شق هذه الطرق إلى إعاقة توسع القرى الفلسطينية والحد من قدرة البلديات الفلسطينية على توسيع الخدمات البلدية في هذه المنطقة، ويدمر الآلاف من أشجار الزيتون، وتعزل هذه الطريق مع المستوطنات نابلس كليا عن القرى المحيطة بها وعن الأراضي الزراعية في المحافظة.
س. طريق قلقيلية الالتفافية:
بسبب موقع قلقيلية على الخط الأخضر في الطرف الغربي الأقصى من الطريق السريعة رقم (55)، فإنها تبقى إحدى أكثر البلديات الفلسطينية عزلة، تخدم الطريق السريعة رقم (55) بين نابلس وقلقيلية خطا طويلا من المستوطنات منها كدوميم – كدوميم تسفون – جيت – غفعات همركزي – كرني شومرون ومنطقتها الصناعية – غنات شومرون – تسوفيم – ألفي منشية، وتحيط الطريق بقلقيلية وتمتد من تسوفيم في الشمال عبر أراضي قلقيلية الزراعية نحو بلدتي إيال وكوخاف يئير الإسرائيليتين الواقعتين على الخط الأخضر مباشرة، وهذا من شأنه أن يزيد من عزلة قلقيلية عن أراضيها الزراعية الواقعة إلى الشمال.
ش. طريق رقم (531):
أعلن مجلس التنظيم الأعلى الإسرائيلي بتاريخ 19/11/1998 عن بدء المشروع الهيكلي التفصيلي للشارع في مقطع الفندق من أحواض أراضي كفر قدوم وجينصافوط وحجة في محافظة قلقيلية ويبلغ طول الشارع 4000م وعرضه 80م، ويربط بين مستوطنات قدوميم وياكير وعمانوئيل على أراضي القرى التي يشملها قرار المصادرة.
ص. الشارع الالتفافي رقم (60):
يعد من أخطر الشوارع الالتفافية، ويمتد من شارع طولكرم- نابلس قرب سهل دير شرف وحتى معسكر شانور على أراضي بلدة صانور بمحافظة جنين؛ مستهدفا أراضي 8 قرى من محافظتي جنين ونابلس، ويبتلع نحو 18 ألف دونم، ويلتقي الشارع رقم (60 مع ما يسمى عابر السامرة الشمالي الذي يخترق أراضي صرة وتل وبورين وعصيرة القبلية وحواره فاصلا هذه القرى عن الأراضي التي تقوم عليها مستوطنة يتسهار، ويواصل امتداده جنوبا قرب حواره ويتما متصلا بالشارع الالتفافي المؤدي لمستوطنتي عيليه وشيلو مخترقا أراضي اللبن والساوية.
في النهاية يتضح لنا أن الطرق الالتفافية التي شيدتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على أراضي الفلسطينيين الخاصة في الضفة الغربية وممتلكاتهم ما هي إلا امتداد لسياسة احتلال وتهويد الأرض الفلسطينية، سعيا نحو إقامة المزيد من المستوطنات الإسرائيلية، وتمهيد البنية التحتية الضرورية للمشاريع الاستثمارية الاقتصادية التي أقامتها دولة الاحتلال على أراضي الضفة الغربية المحتلة، وبالإضافة إلى إن الطرق الالتفافية تعمل على الربط بين المستوطنات والطرق الالتفافية المخصصة لليهود فقط، فهي تعمل كذلك على عزل المدن العربية الفلسطينية عن بعضها البعض.
عربي21