عاد من دوامه المدرسي باكيًا، فلم يحصل في الامتحان على الدرجة الكاملة، ولكن ما زاد من قهره أن زميليه في الفصل الدراسي اللذين شاهدهما وهما يغشان، ولم يحرجهما أمام باقي الطلبة ويبلغ عنهما للمراقب، قد حصلا على درجة أعلى منه، فكيف نعالج الغش عند الأطفال؟
الاختصاصية النفسية والاجتماعية سعاد المحتسب قالت: "إن الطفل يتعلم الغش بسبب سعيه أن يحصل على علامات جيدة ونتائج ترضي والديه والمعلم، وترفع من شأنه أمام زملائه".
وأوضحت أنه بالفطرة عند أي امتحان سيحاول الطالب إنقاذ نفسه من المأزق، وربما يعتقد أنه إذا نقل من صديقه فهي مساعدة للخروج من المشكلة التي تواجهه، خاصة لو شاهد تجارب مماثلة، ومن هنا يكون دور العائلة مهمًّا جدًّا في توعية ابنهم موضوع الغش، وأهمية الاعتماد على نفسه وتوضيح أضرار الغش وعدم شرعيته سلوكًا غير أخلاقي.
وبينت المحتسب أنه من جانب آخر الغش مرتبط بالكذب والاحتيال، حتى السرقة، والصدق هو النقيض لكل ذلك، مضيفة: "لذلك إن تعليم أولادنا الصدق مع أنفسهم ومعنا أول السلم لتجنب هذه الظاهرة، وزرع القيم في داخله كالأمانة وعدم قبول ما لا يستحقه عن جدارة".
وأكدت أهمية تسمية الأمور بمسمياتها، فهذه العادة غش وكذب، وليست مساعدة أو تعاونًا أو مشاركة، حتى لا ينجر بعض الطلبة إلى فعل تلك العادة السيئة.
وتابعت المحتسب حديثها: "على العائلة عدم تحميل ابنهم فوق طاقاته، ومراعاة قدراته ومساندته في الدراسة حتى لا يلجأ إلى هذه السلوكيات لإرضاء تطلعاتهم، أو خوفًا منهم، لو كانوا شديدين وعنيفين تجاه تحصيله الأكاديمي".
ومن أهم الأمور التي يجب أن تنتبه إليها العائلة عدم توبيخ ابنها عند مصارحته لهم بأنه قام بعملية الغش، بل احتواء الأمر وتفهمه ومعرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك، ومعالجتها بتعقل.
وأكدت المحتسب أهمية فتح قنوات بين الوالدين والأبناء، فالتواصل الدائم والصدق يجعلان أصعب الأمور يمكن معالجتها، ومتابعتها قبل أن تتفاقم.
ولفتت إلى أن الغش ليس فقط نقل معلومات عن زميل والاحتيال على المعلم، بل تأثيراته كبيرة، إذ يُعلم الطالب الكذب، وهو من أخطر الظواهر، وله عواقب كثيرة، وفي كل حياته سيتعلم أن يخرج من مآزقه بالطريقة ذاتها، وسيتعلم عدم تحمل المسؤولية، والحصول على ما يريد دون استحقاق وجدارة بطرق سهلة وملتوية.
ونبهت المحتسب إلى أن هناك بعض العائلات تشجع أبناءها على الغش بقصد أو دون قصد، لعدم وعيهم تأثيراته الخطيرة على سلوكياتهم.
وختمت حديثها: "كل طفل في النهاية كما ذكرت سيحاول أن يصل إلى هدفه، ويكون مقبولًا ومحبوبًا ومميزًا، فلا تجعلوه يحقق ذلك بالطرق الخطأ، التي ستحوله إلى شخص كاذب ومحتال، وأيضًا لا يثق بنفسه، فهو يدرك تمامًا أن ما حصل عليه لا يستحقه ولا يدل على قدراته وجهوده".