من المؤسف أن هناك نسبة لا بأس بها من مجتمعنا ما زالت لا تحترم المرافق العامة ومقدراتها، ولا تعير نظافتها أي أهمية، مع أنه من البدهي أن نقيس مدى تقدم المجتمعات أو تخلفها بنظافة مرافقها العامة، وهذا على الصعيد العام، لاشك.
على صعيد المستشفيات، هناك مرافق عامة كثيرة يستخدمها المواطنون مرضى وزوار يوميًّا، واستخدامها اليومي سبب كافٍ لإهلاكها سريعًا، فما بالكم عندما يكون الاستخدام غير صحيح، أي أنها تُستخدم بطرق تهلكها وتستنزفها أكثر فأكثر؟!
المصعد: يحمل يوميًّا عشرات أو آلاف الناس يوميًّا، لكنك تُفاجأ بمن بصق على أرضيته، وآخر رمى ورقةً، وثالث مسح الطين من على حذائه في جدرانه ... إلخ، ولأن المصعد بيئة مغلقة صغيرة الحجم، فمن السهل جدًّا أن تفوح فيه الروائح وتتفاعل فيه الملوثات البيئية، وهذا يجعل صعوده أمرًا مزريًا، فضلًا عن أولئك الكثر الذين يحبون ضغط كل الأزرار، والطرق على الأبواب ... إلخ.
غرف المرضى: الغرف يقوم عليها الممرضون في كل قسم، وهم يشرفون على عملية تنظيفها وتعقيمها دوريًّا، لكن ليس هناك مريض يبيت وحيدًا، ولا بمرافق واحد، بل إن الجاهة والعائلة والأصدقاء، كل أولئك يجلسون ساعاتٍ من الحديث والسمر والضيافة ... (والاطمئنان على المريض)، وهذا يخلف كمية من الأوساخ والأتربة وربما التدخين ... إلخ، وعلى ذكر التدخين، فقد شاهدتُ كثيرًا من الزوار لا ينقطعون عن السجائر، داخل الغرف أحيانًا، إذا ما غابت عين الممرض، وفي الممرات والأزقة بكثرة.
دورات المياه: لن أطيل الحديث هنا، لكن من منا يقبل على نفسه أن يدخل دورات مياه عامة، وبالأخص في المستشفيات؟!، لا أظن أن هناك أحدًا سيقبل الأمر بسهولة.
الحدائق: في كل مستشفى مركزي هناك حديقة خضراء، لكنك لا تجد فيها وردة أو شجرة غير مقلمة الأوراق والأغصان، وترى أرضية هذه الحدائق وقد أكلها النمل والحشرات، لأن جماعة أكلوا البزر والمكسرات ورموا بالقشر أرضًا دون أدنى اهتمامٍ بالنظافة العامة للمكان ... إلخ.
وكل هذه الملحوظات وغيرها، مع أن هناك شركات نظافة تعمل ليل نهار، ونحن نشهد أن عمالها البسطاء على مدار الساعة لا يتوقفون عن العمل وتنظيف الممرات والمرافق العامة، لكن ماذا سيفعل جيش من عمال النظافة، إذا ما كانت الثقافة المجتمعية لا تساعدهم على إنجاز عملهم؟!
نحن نحتاج إلى إعادة صياغة العقول في هذا الموضوع، ليس من أجل المستشفيات والمرافق العامة فحسب، بل من أجل نهضتنا ومشروعنا التحرري.