أنا من الجيل الذي نشأ في زمنٍ كانت أفضل برامجه (tom and gery) حيث المتعة الهادفة والضحك المستمر، والإعجاب بالحِيل التي يمارسها الفأر الصغير ضد القط الكبير، فكان ذلك البرنامج يجمع الكبير والصغير.
لكن مع تطور العلم والتكنولوجيا لم يعد (tom and Gery) سيد البرامج، فلم تدخل على خط التنافس برامج فحسب، بل فضائيات تخصصت بالأطفال، تبدع وتتنافس في جذب انتباههم، وتدعي "أنها الأمينة عليهم".
ولو نظرنا إلى فضائيات الأطفال من كل الزوايا، فسنسأل: ما رسالة الفضائيات؟، وإلى أي مدى ساهمت في تعزيز وعي الأطفال بالقضايا التي تطرحها؟، وهل هي ربحية بثوب تربوي، أم تربوية بثوب ربحي؟، وما آثارها الإيجابية والسلبية؟
لا شك أن لكل فضائية رسالة تربوية تنطلق منها، إذ إنها تريد المساهمة في حفظ النشء الحديث وإبعاده عن الغزو القادم من الخارج، والمؤكد أنها قدمت الكثير من القيم والمبادئ للأطفال، لكن هذا لا ينفي وجود مآرب أخرى أهمها ربحية، وهذا لا يمنع.
ولو أردنا تقييم الفضائيات فسنجد أن من إيجابياتها أنها تعلم الطفل القيم مثل التعاون والتسامح والنظافة والترتيب، وتعزز الانتماء الديني والوطني عند الطفل، وتنمي مهارات الأطفال المعرفية، خاصة في أسماء الحيوانات والطيور وأسماء المدن والدول والألوان، وتساعد الأطفال على تحسين النطق، وتمييز التصرف الخطأ من التصرف السليم.
أما سلبياتها فأنها:
. تخلق نوعًا من الإدمان عليها، ومن ثم العزلة والانطواء، حتى إن الطفل لا يجد متسعًا من الوقت لتطبيق ما يتعلمه منها.
. تخلق نوعًا من الشعور بالنقص، فحينما يرى الطفل الفقير أو ميسور الحال طفلًا في التلفاز يرتدي ملابس مختلفة في كل مشهد، وكل مشهد في مكان ما، يصعب على الطفل المُشاهِد رؤيتها على أرض الواقع أو ارتداء مثل هذه الملابس؛ فهذا يسبب له شعور بالنقص.
. تخلق نوعًا من البلادة عند الطفل فعقله يتوقف عن التفكير، ويصبح متلقيًا فقط.
. تؤثر على الصحة الجسدية للطفل بتأثر العين بقوة الإشعاع من الشاشة، وقد تسبب البدانة.
. قد تشجع على العنف، وهذا يظهر في البرامج التي تعتمد الألعاب العنيفة وسيلة تراها جذابة للأطفال، وهذا يدفعنا إلى الانتباه لأطفالنا ألا نجعلهم ينامون بعد مشاهدة البرامج العنيفة مباشرة، كي لا يحدث معهم هلوسة.
ولو دققنا في الفضائيات من حيث الشخصيات التي تقدمها فسنجدها إما على هيئة إنسان طبيعي مثل طيور الجنة، أو رسوم متحركة بشر، أو رسوم متحركة غير بشر، لكنهم يتكلمون كما يتكلم البشر، وبعضها يمزج بين الأشكال السابقة.
ومن حيث المضمون:
فضائيات تقدم برامج مصحوبة بالرقص والغناء على مدار الساعة، وهذا يعطي الطفل انطباعًا بأن الرقص والغناء سلوكيات محمودة.
فضائيات تقدم برامج دينية تخلو من المرح والفرح، وهذا يعطيهم انطباعًا بأن الدين لا مرح فيه.
فضائيات تعيد عرض برامج خارجة عن المألوف الإسلامي، مصحوبة بمؤثرات جذابة من حيث الشكل.
وقبل الختام أقدم بعض الاقتراحات للتعامل مع فضائيات الأطفال:
تقنين مشاهدة الأطفال الفضائيات.
تحفيز الأولاد على قضاء وقت في اللعب في الطبيعة.
إبعاد الأطفال عن البرامج التي فيها أمور تفوق عقلهم واستيعابهم، خاصة العنيفة.
الانتباه لنوعية البرامج المقدمة، ومعرفة مدى انسجامها مع الإسلام.
ختامًا: علينا النظر إلى فضائيات الأطفال على أنها سيف ذو حدين، فيا عزيزتي الأم: لا ترمي طفلك في حضنها ولسانك حالك يقول: "خلينا نرتاح منهم ونخلص شغل الدار"، بل عليك بالرقابة والتوجيه.