فلسطين أون لاين

رجل الإنسانية "الحلبي" بدوامة الاعتقال الإداري.. إلى متى؟

...
الأسير محمد الحلبي
غزة/آمنة المجدوب:

في عالمٍ يتغنى بالإنسانية، لم يكن يعلم المهندس محمد الحلبي أن إنسانيته ستكون تهمةً تُوجه إليه في يومٍ من الأيام، ولكن بدا جلياً أنه عالمٌ ما عرف منها إلا اسمها، "يصبح الإنسان عظيماً تماماً بالقدر الذي يعمل فيه من أجل أخيه الإنسان" فكيف برجلٍ سخّر نفسه ووهب حياته لتقديم خدمات جليلة للفقراء والفئات المهمشة من القطاع.

أربع سنوات من الاعتقال الإداري لازالت تغيّب الحلبي عن أهله و عمله، تلك عقوبة الاحتلال له لقاء هذه الخدمات.

كان المهندس الحلبي يعمل مديراً لمؤسسة الرؤيا العالمية، و لطالما اعتاد أن يرتاد القدس لمتابعة أمور المؤسسة مع مسؤوليه الدوليين، ليتفاجأ أهله في 15/ حزيران/ 2016 بأنه اعتقل من قوات الاحتلال عند مروره عبر حاجز بيت حانون "إيرز".

عملٌ إنساني بحتة

هل رأى أحد منا إنساناً يدفع حريته ثمناً لإنسانيته؟ بالطبع "لا" إلا في قانون الاحتلال، كما عادته بمخالفةمعايير الطبيعة وقوانينها، الأسير "الحلبي" وقضيته كانا مثالاً حياً وواضحاً على ذلك،منذ أن عمل الحلبي مديراً لمؤسسة الرؤيا العالمية ما كان إلا خادماً للإنسانية.

دعمٌ نفسي للأطفال ومرضى السرطان وإسناد عوائل فقيرة وتقديم مساعدات ومشاريعٌ زراعيةوتشغيل صيادين وأيدٍ عاملة، جميعها كانت خدمات إرهابية بنظر الاحتلال أوْلت له الحق باعتقال الحلبي ومعاقبته على دعمه هذه الشرائح، علماً بأن مؤسسة الرؤيا برئته منها.

كما وأكد والد الحلبي أن المؤسسة دائماً ما كانت تعمل تحت رقابة دولية، حيث أفادت أن تهمة تمويل الحلبي للفصائل الفلسطينية عارية عن الصحة وأن الرقم الذي روّج له الاحتلال إعلامياً يفوق ميزانية المؤسسة.

وفي حديثه لـ "فلسطين أون لاين" يقول خليل الحلبي والد الأسير محمد الحلبي، إن قضية ابنه لاقت تعاطفاً دولياً على صعيد واسع، كان آخرها رسالة وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس الذي أبدى تعاطفه و تضامنه مع ابنه.

ويؤكد الحلبي وجود وثائق لدى الصليب الأحمر وثقت العذابات التي ارتكبت بحق ابنه، مُشيراً إلى أن أحد الصحفيين الإسرائيليين أوضح أن قضية ابنه باتت تشكل إحراجاً لهم وأنهم يسعون إلى الحصول على أي اعتراف منه للتخلص من هذا المأزق.

ومن الجدير بالذكر أن المهندس الحلبي حاز على لقب الرجل الإنساني والذي منحته إياه الأمم المتحدة في العام 2014.

سنوات العذاب

في ملامح وجهٍ تُمثل الصمود والإباء وإيمان رجلٍ بعدالة قضية ابنه، يحكي الوالد المكلوم على نجله في حديثه لـ " " إن محمد يتعرض لأنواع شتى من التعذيب لانتزاع اعترافات منه بالقوة، إلا أنه يأبى الاعتراف بفعل لم يقم به، ناهيك عن الضغط النفسي والتهديدات التي يوجهها له الاحتلال بقصف منزله؛ وما هذا على الاحتلال بجديد.

أما عن الأسى الأكبر هو أن يكبر طفلك و تمر به السنون دون أن تسترق النظر إلى عينيه وتتأمل جميل ملامحه، هذا هو حال الأسير الحلبي مع ابنه فارس والذي كان حديث الولادة في الوقت الذي اعتُقل فيه والده، وبعيونٍ ملأها الحزن والقوة مجتمعان يروي أبو محمد الحلبي حديثه عن حال أبناء الحلبيالخمس ومدى افتقادهم لوالدهم ولتفاصيل وحكايا متمنين مشاركته إياها.

خلال السنوات الأربع عُرض الحلبي على المحكمة 127مرة، كان آخرها في الثامن من الشهر الجاري ، ليتابع فيها سلسلة من الاتهامات الباطلة يوجهه له الاحتلال، في محكمة كان على رأس هرمها قضاة اليمين المتطرف والذي يُعرف بشدة عداوته للفلسطينيين.

وبحسب صحفي إسرائيلي حضر المحكمة أفاد أن الحلبي هُدد وبشكل صريح في حال عدم قبوله الاعتراف بأي من التهم الموجهة إليه أنه سيأخذ أحكاماً عالية؛ ويأتي هذا الإصرار في إطار عدم ضرب الاحتلال مصداقيته عرض الحائط.

رغم ذلك، لا يزال الحلبي يرفض الخضوع للقانون الاسرائيلي رفضاً قاطعاً؛ لإيمانه بأن قضيته قضية شعب وليست بقضية جمعية خيرية فقط، حسب ما يقص والده.

ويُذكر أنه سيتم عقد محاكمات أخرى له في 22،23،27 من الشهر المقبل.