أحمال تفجيرات أرامكو؟!
أرامكو أكبر شركة لاستخراج وتصنيع البترول في المملكة، وربما هي الأكبر في العالم. آبار بترول المملكة جلها في المنطقة الشرقية بالقرب من الخليج العربي. الآبار لا تبعد كثيرًا عن إيران، ولا عن اليمن. قبل يومين تعطل أكبر مصنعين للشركة بفعل عمل عسكري. يقول الحوثيون إنهم هم الجهة المسؤولة عن التفجيرين بعشر طائرات مسيرة وملغمة. البيت الأبيض يقول إن الطائرات انطلقت من إيران، وإيران هي المسؤولة. إيران تنفي المزاعم الأمريكية، والسعودية تطالب الاستخبارات الأمريكية بمزيد من الإيضاحات؟!
القصة التي حدثت تحمل حملين ثقيلين على المملكة، ولهما تداعيات خطيرة. الحمل الأول هو تعطل المصنعين الكبيرين عن العمل، بفعل التفجيرين، ما ألحق أضرارًا جسيمة بالمملكة، على المستويين المادي، والمعنوي. جلُّ حديث المتحدثين في الموضوع يتركز على الحمل المعنوي، متسائلين: أين الدفاعات السعودية؟! أين الأمن السعودي لهذه المنطقة الحيوية؟ لا سيما أن المملكة تخوض حربًا في اليمن. أين الأسلحة التي أنفقت عليها المملكة مليارات الدولارات؟! هل الوضع الأمني والعسكري في المملكة هش لهذه الدرجة، التي لم يتوقعها أحد؟! أم أن المملكة بوغتت من حيث مأمنها ومن حيث لا تتوقع؟! الأسئلة المعنوية التي تدور في هذا الإطار كثيرة، والإجابة ليست عند المحللين، والرسميون يبخلون على الإعلام بما لديهم.
والحمل الثاني الثقيل هو في تحديد الجهة المنفذة للعدوان. هل هم الحوثيون كما يقولون أم الإيرانيون كما تقول أمريكا؟! أم هي جهة ثالثة تختفي وراء الجهتين السالفتين؟! باب التخمين مفتوح على مصراعيه، ولكن لا بدّ من تحديد جهة مسؤولة، ولا يمكن للجهات الرسمية السعودية البقاء طويلًا في المنطقة الرمادية. نعم هناك جهات تقول: وما الفرق بين تحميل المسؤولية للحوثيين، أو تحميلها لإيران، على اعتبار أن الحوثيين يتلقون دعمًا عسكريًّا وسياسيًّا من إيران؟! ولكن هذا القول يفتقر للدقة والحصافة.
السعودية التي تحمل هذين الحملين الثقيلين، إلى جانب حمل ثالث ربما كان أثقل من السابقين، وهو ماذا سيكون عليه الرد السعودي؟! ولأن هذا الحمل أثقل من السابقين على القرار السعودي أبدت القيادة السعودية ذكاء في التريث والتثبت، والحذر من التحريض الأمريكي، وربما أيضًا تبدي حذرًا من العرض الروسي لبيعها دفاعات S400 السعودية على مفترق طريق، وفي رأيي أن العمل الدبلوماسي أفيد لها وللمنطقة من العمل العسكري، ونحن نطالب الأطراف الأخرى أن تلجأ للعمل السياسي، وأن تتجنب المعالجات العسكرية والأمنية. المنطقة كلها كأنها برميل بارود يحتاج إلى عود ثقاب؟!