لا وجود للتسوية مع الفلسطينيين في برامج الأحزاب الإسرائيلية في الانتخابات الحالية؟! التسوية غائبة في برامج اليمين وبرامج اليسار؟! الموجود فقط هو تنافس على الهيمنة والضم والاستيطان؟!
التسوية كما يريدها عباس، أو كما وضع أسسها رابين، لا وجود لها الآن؟! التسوية لا أنصار لها بين الناخبين. التسوية إذًا تمثل عبئًا على الأحزاب، لا مادة جذب ومنافسة. ومن مخرجات هذا الموقف أمران: الأول قلق فشل تعاني منه سلطة أوسلو. والثاني توجه يميني يجتاح مجتمع دولة الاحتلال، يهدد الضفة الغربية بالضم؟!
نتنياهو ربما هو أكثر من يفهم توجهات الناخب الإسرائيلي، لذا هو لا يتحدث لهم عن التسوية، بل يتحدث لهم عن ضم يهودا والسامرة، لذا زار الخليل، ولم يزُر تل أبيب أو حيفا معاقل اليسار؟! نتنياهو يتحدث لمجتمعه عن إيران، وتهديدها لأمن دولته، وعن سلاحها الذري، وعن مواقعها السرية، وعن الحرب، وعن قاسم سليماني، ويتحرش بحزب الله في لبنان، ويقصف في سوريا والعراق، ويهدد حماس بحرب موسعة، وهذه الأمور هي التي تستفز الناخب، وتجلب له أصوات الناخبين؟!
في السلطة ثمة من يرجو سقوط نتنياهو لأنه يتنكر للتسوية، ويهدد بالضم، ولكن هل ثمة فرق بينه وبين غانتس؟! كلاهما شرب حتى الثمالة من حليب الصهيونية، والعداوة لفلسطينيين؟! يقول وليد العمري إن خروج العرب للانتخابات بنسبة 70% يساعد على إسقاط نتنياهو؟! وهو قول فيه شك. الناخب العربي منقسم على نفسه، وربما لا يتعامل مع توجيهات عباس؟!
إذا كانت التسوية غائبة في برامج الأحزاب، فإن حلّ الدولتين صار رمادًا، وإن الأمل في مفاوضات جدية صار سرابًا، وعلى عباس أن يختار لسياسته وشعبه طريقًا ثالثًا بين الرماد والسراب، وعليه مغادرة مربع انتظار نتائج الانتخابات، إلى مربع فرض استقلال الضفة وتحريرها، وإدخاله لكل بيت إسرائيلي، وهذا أمر ممكن، وهو أكثر جدوى من انتظار غانتس؟!
الانتخابات الإسرائيلية ربما تحمل حلًّا للناخب الإسرائيلي، ولكنها لا تحمل أدنى حلّ لمشاكلنا في غزة والضفة، بل هي تعمق حالة الانكار الصهيوني لغزة والضفة، والطريق أمام غزة والضفة تبدأ بالمصالحة، وببرنامج مشترك لإزالة الاحتلال يأخذ بالحسبان فشل مفاوضات التسوية.