سيكون الطالب الفلسطيني "علي غنام"، مضطرا للتسجيل هذا العام في مدرسة القرية، بريف إدلب الشمالي، رغم تدني مستوى التعليم فيها، بعدما أغلقت المدرسة التي التحق بها العام الماضي أبوابها، بسبب انقطاع الدعم المقدم لها، رغم سمعتها الطيبة.
معلمون فلسطينيون وسوريون، كانوا قد افتتحوا العام الماضي مدرسة "اقرأ وارق" الخاصة بالمرحلتين الابتدائية والإعدادية في قرية "أطمة" الحدودية، اعتمدوا في التدريس منهاج قطاع غزة في فلسطين، خاصة في مادتي اللغة العربية والتاريخ، لما تتضمناه من معان وقيم حميدة من خلال الموضوعات التي تحتويها.
تميزت المدرسة بمستواها التعليمي الجيد، وتركيزها على غرس القيم، ما أكسبها شهرة واسعة في المنطقة، إلى درجة عدم تمكنها من قبول كل طلبات التسجيل، التي فاقت طاقتها الاستيعابية آنذاك.
إلا أن غياب التمويل وانقطاع الدعم أجبر القائمين على المدرسة على إغلاقها، وسط حالة من الحزن بين الأهالي، لعدم وجود بديل مكافئ في المنطقة.
ومع ذلك يبدو أن "علي غنام" وزملاءه، أوفر حظا من قرنائهم في مخيم دير بلوط بناحية جنديرس، فلا مدارس مشيدة ولا صفوف ولا باحات.
خيمة التعليم
يقول الناشط الفلسطيني، إبراهيم الشهابي، والمقيم في مخيم دير بلوط، إن المدرسة عبارة عن خيمة وبسط ولوح يتناوب الطلاب عليها، وعددهم يقدر بـ65 طالب وطالبة، بحسب مراحلهم الصفية، ويديرها عدد محدود من المعلمين، إذ يتجهز 5 مدرسين، بينهم فلسطيني، لإدارة المدرسة "الخيمة".
وأشار في حديثه لوكالة "قدس برس" إلى أن هؤلاء الأساتذة يتقاضون راتبا من تركيا، يتراوح ما بين 800 إلى 850 ليرة تركية، وهو لا يكفي لسد احتياجات الأسرة.
وأوضح أن المخيم لا يوفر بيئة دراسية للطالب، ولو بحدودها الدنيا، فلا كهرباء ولا مقاعد ولا مرافق صحية.
من جانبه, تحدث المدرس الفلسطيني، خليل هاشم، والمقيم في مخيم سجو، في منطقة أعزاز، عن الواقع التعليمي للفلسطينيين في مناطق درع الفرات.
وقال لوكالة "قدس برس" إنه بالرغم من أن التعليم أمر ثابت لدى الفلسطينيين، إلا أن "الظروف التي أعقبت تهجيرنا إلى هذه المناطق منعت بعض الأسر الفلسطينية من إرسال أبنائهم إلى المدارس، لعدة أسباب، منها عدم توفر مدارس في المنطقة التي يقيمون فيها، أو بعدها والمخاوف الأمنية المترتبة على ذلك".
وأشار "هاشم" إلى مشكلة أساسية يعاني منها الفلسطينيون في "أعزاز"، بتوقف إصدار هويات للفلسطينيين من قبل المجلس المحلي، إسوة بالسوريين.
وأوضح أن هذا الأمر يشكل تهديدا حقيقيا للمعلم والطالب الفلسطيني، إذ يضطرون للذهاب إلى عفرين (تبعد ما يقارب 30 كيلوا عن أعزاز) لاستصدار هذه الهويات.
أما في مدينة معرة مصرين، شمال إدلب، يقول المعلم الفلسطيني زياد علوة، إن عدد المدرسين والمدرسات الفلسطينيين في مدينة إدلب وريفها لا يتجاوز الـ25، أغلبهم من النساء، يتوزعون على عدة مدارس ورياض للأطفال.
وأوضح أن أغلب هذه المدارس تدعمها منظمات وجمعيات مرخصة في تركيا، ولها مكاتب في الشمال السوري، وأشهرها "وطن" و"ساعد"، وهناك مدارس تشرف على "التربية" في مدينة إدلب
وبين أن المدرسين يشكون من تدني الأجورـ والتي تصل إلى 15 ألف ليرة سورية (150 دولار).
في سياق متصل، أشار مسؤول ملف الطلاب في هيئة فلسطينيي سورية، بلال مقدسي، إلى عمليات النزوح الكبيرة إلى المنطقة بسبب العمليات العسكرية، والتي انعكست سلبا على الواقع التعليمي، كانقطاع عدد كبير من الطلاب عن مدارسهم، وعدم اهتمام الأهل بالطالب بسبب معاناة النزوح والبحث عن مأوى وعن عمل.
كما أن عدد الطلاب في الصف الواحد قد يصل إلى 70 طالبا، ما يفقد المدرس قدرته على الأداء بشكل جيد، وفق هاشم.
وعن وجود رابطة للمعلمين الفلسطينيين في الشمال السوري، أوضح "مقدسي" أن جهودا بذلت لتحقيق ذلك، إلا أن هذا الأمر لم يتحقق حتى الآن، لعدة عوامل أبرزها قلة عدد المدرسين الفلسطينيين وانتشارهم في مناطق مقسمة إداريا بين منطقة إدلب ومنطقتي غصن الزيتون ودرع الفرات، والعامل الثاني هو الوضع المادي الصعب وغياب التمويل اللازم لإنشاء هكذا رابطة.
وبحسب هيئة فلسطينيي سوريا، يقدر عدد الطلاب الفلسطينيين في مناطق شمال سوريا، بنحو (3000) طالب بينهم (200) جامعيون، تتفاوت التحديات التي يواجهونها لمتابعة تحصيلهم العلمي.
المصدر: قدس برس