فلسطين أون لاين

جولة وحقائق

...
عادل ياسين

رغم قصر مدة الجولة الأخيرة التي شهدتها الساحة الشمالية والتي تمثلت برد حزب الله على الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة ورد الجيش الإسرائيلي في إطار الفعل وردة الفعل المدروس إلا أنها تكشف في ثناياها عن عدة حقائق أهمها:

تعامل (إسرائيل) بجدية مع تهديدات حزب الله بناء على تجاربها السابقة معه, وإدراكها لمصداقية تهديدات قادته, ما دفعها لتعزيز انتشار قواتها البرية والبحرية والجوية وإلغاء التدريبات والإجازات للألوية المقاتلة في المنطقة الشمالية.

حرص الجانبين على تجنب أي مواجهة عسكرية واسعة والاقتصار على ضربات موضعية في مناطق محدودة وعدم توسيع رقعة المواجهة أو إطالة مدتها رغم التصريحات الإسرائيلية التي توعدت بإعادة لبنان للعصر الحجري.

تأكيد حزب الله عدم قبوله بتغيير قواعد الاشتباك ورفضه محاولة (إسرائيل) استباحة لبنان كما تستبيح سوريا والعراق, وهو ما يضع (إسرائيل) أمام معضلتين أولاهما كيفية منع حزب الله من مواصلة تطوير منظومته الصاروخية لا سيما وأنها تمثل تهديدًا استراتيجيًّا عليها, أما المعضلة الثانية فهي كيفية التعامل مع تهديد حزب الله والجيش اللبناني بإسقاط الطائرات الإسرائيلية المسيرة وما يترتب عليهمن صعوبة متابعة تحركات الحزب ومعرفة قدراته ونواياه تجاه (إسرائيل).

تمكن حزب الله من استهداف الآلية العسكرية رغم الاحتياطات الأمنية التي سبقتها كإغلاق المجال الجوي أمام حركة الطيران المدني وتقليص تحركات الجنود.

فشل محاولات (إسرائيل) تجنب رد حزب الله والتي تمثلت بمحاولة ردعه من خلال استعراض القوة وإظهار الحشود البرية والبحرية والجوية, عدا عن الاتصالات السياسية مع دول فاعلة للضغط على لبنان ومطالبته بلجم حزب الله.

حديث (إسرائيل) عن نجاحها في خداع حزب الله وإيهامه بأنه تمكن من قتل عدد من جنودها بهدف إنهاء الجولة يمثل نقطة ضعف, لأن القوي يتباهى بقدرته على إيلام خصمه وليس التهرب منه.

كشفت عن حجم التهديدات التي تعترض (إسرائيل) من الجبهة الشمالية والتي تطال المجال الجوي وإمكانية استخدام الحزب لحوامات انتحارية ضد أهداف إسرائيلية أو التعرض لطائراته الحربية؛ كما تطال المجال البحري والخشية من تكرار ما حدث خلال حرب لبنان الثانية واستهداف سفن سلاح البحرية, أما عن المجال البري فإنها تخشى من قوات كوماندوز تابعة للحزب من اقتحام البلدات الحدودية واحتجاز رهائن, عدا عن ذلك فإنها ستواجه مشكلة في القضاء على التهديد الصاروخي لا سيما وأن المصادر الإسرائيلية تتحدثعن امتلاك الحزب لعشرات الآلاف من الصواريخ وبمديات متفاوتة.

هذه الحقائق تؤكد بأن امتلاك القوة لا يعني بالضرورة امتلاك القدرة، وأن للقوة ضوابط وللرغبة كوابح تجبر (إسرائيل) على التخلي عن أحلامها رغم قدراتها العسكرية الهائلة لا سيما أن قوة ردعها في تراجع مستمر سواء في الجبهة الشمالية أو الجنوبية.