في يوم الخميس الماضي رعى منتدى الحوار الوطني، ومركز الشباب الفلسطيني ورشة عمل على فترتين حول الانتخابات المحلية، وحقوق المواطنين، وحضر الورشة في فندق المشتل العديد من المهتمين، ورجال العشائر والشباب، وتحدث فيها قادة من الفصائل، ومنها فتح وحماس، والجهاد، والديمقراطية.
الورشة كانت جيدة، وكان الحضور الإعلامي والشبابي جيدا، ولكن المؤسف أن كل الكلمات كررت ما قيل سابقا في محاضرات وورشات سابقة. كل المتحدثين والمداخلين تحدثوا عن حقوق المواطنين في الانتخابات، وجميعهم أيد العملية الانتخابية، وأيد إجراءاتها الدورية كل أربع سنوات، وانتقدوا التعيين، وجعلوه مرضا عضالا، ولا شفاء من هذا المرض إلا بالانتخابات، وبعضهم زاد على ذلك أن الشفاء ليس في الانتخابات فحسب، بل في الانتخابات النسبية دون غيرها؟!
المتحدثون والمداخلون انتقدوا غزة، كما انتقدوا الضفة، وطالبوا بإجراء انتخابات بلدية فورا، وجميعهم كان مدخله في الحديث والدفاع مدخلا سياسيا، ومن ثمة تشكلت مشكلة البلديات في الورشة من إطار سياسي تختلف فيه الفصائل اختلافا يمنع إجراء الانتخابات، بحسب قانون الحكم المحلي؟!
الجميع دار، ثم دار، ثم استقر، ثم استوى، أن مشكلة البلديات مشكلة سياسية، وليست مشكلة قانونية، وفي ظل هذا رفضوا تفرد حماس وفتح في التعيين كل في منطقة نفوذه، ونسوا جميعهم المواطن، وكيف ينظر المواطن للمشكلة؟! وأحسب أن المواطن بعيد عنهم كل البعد، فالمواطن لا ينكر المشكلة السياسية، ولكنه ينظر للبلدية كمشكلة خدمية، هو يريد خدمة جيدة بأقل تكاليف ممكنة. يريد تطويرا لما هو قائم من خدمات. يريد ماء نظيفا، ونظافة حقيقية، ومشاريع مدنية مريحة، ويقول للفصائل قدموا لنا الخدمات بشكل جيد ثم حلوا مشاكل الانتخابات والتمثيل. لا تجعلوا مشاكل السياسة والتمثيل النسبي سببا في تأجيل الخدمات، وتعويق التطوير، لأن الانتخابات ليست عجلا مقدسا، ولا التعيين شيطانا رجيما؟!
قد تجد منا من يؤيد التعيين إذا كان التعيين هو الطريق الممكنة لتقديم خدمات أفضل للمواطن، وقد يرفض الانتخابات التي ربما تأتي بشركاء متشاكسين لا يصلحون للإدارة في ظروف لا تتوافق فيها الفصائل على ما هو أدنى من ذلك. الانتخابات حق المواطن، وهو حق مقدس بالقانون، والخدمات الجيدة هي حق مقدس للمواطن بالقانون أيضا، ولا يصح للفصائل أن تتقاتل حول البلديات بعيدا عن أجندة المواطن.
المواطن يريد خدمة جيدة، ثم يريد حراستها بعملية انتخابية نظيفة، فإن تعذرت الانتخابات لهذا السبب أو ذاك، فإن المواطن لا يتخلى عن أولوية الخدمة الجيدة بعيدا عن الاختلافات السياسية. حلوا خلافاتكم ثم تعالوا إلى كلمة سواء.