زرتُ مستشفيات قطاع غزة الحكومية هذا العام في أوقات متقاربة، ودونت كثيرًا من الملحوظات التي أرى أنه من الواجب قولها وتكرارها وتأكيدها، وسأناقشها في سلسلة متتابعة من المقالات التي أرجو أن أوفق في طرحها.
حرصت وزارة الصحة الفلسطينية على تنظيم عمل المستشفيات، خاصةً في الأوقات الصباحية، لكثرة المراجعين والحالات المرضية، وذلك بالعيادة الخارجية، وهذه العيادة تُبعِد تكدس الناس عن أماكن العلاج كالأقسام وغرف العمليات، وهي مخصصة للتشخيص، لكن عليها ملاحظات كثيرة يتداولها المواطنون يوميًّا، ومنها: عُقم نظام قطع التذاكر وحجز المقعد للعيادة الخارجية في مستشفى الشفاء، وإدارته بطريقة يرثى لها، فأنت ستكون مضطرًّا إلى الانتظار أكثر من ساعة لتحصل على رقم انتظار لدى الطبيب، وستنتظر وقتًا ليس بهيّن لتُعرض على الطبيب، هذا علاوةً على المعاملة الجافة من موظفي قطع التذاكر والشرطة التي تحاول جاهدةً تنظيم المكان.
ومع هذا النظام وهذا الكادر البشري المتمرس هذه العملية تسير بأسوأ أحوالها الممكنة، لماذا؟،
برأيي أن الموضوع نابع من سببين رئيسين:
أولًا: ثقافة المواطن وفهمه للنظام؛ فــ٥٠٪ من سوء إدارة هذه العملية أساسها أن غالبية المواطنين المراجعين في المستشفيات الحكومية لا يعون ولا يقدرون النظام، وليسوا مستعدين لقبول الوقوف في صف منتظم، واحترام دور الآخر ... إلى آخره، وهذا عائدٌ لعادات سلبية كثيرة اعتادها مجتمعنا، وتشربها حد الثمالة في المزاحمة و"التسحب"، وغيرها من الأساليب الأخرى تحت قاعدة: "بدنا ندبر حالنا"، ولو أنهم لا يفعلون ذلك لما شهدنا مشادات كلامية ولا مشاكل تضطر الشرطة إلى الفصل فيها.
لكن الـ٥٠٪ الباقية تتحملها وزارة الصحة وإدارة مستشفياتها والعاملون فيها، فهُم -وإن حاولوا تنظيم العملية بشيء من الإجراءات- ما زال ينقصهم الكثير، ويجب عليهم أن يبتكروا آليات أكثر تنظيمًا وأسرع في إنهاء معاملات المرضى والمراجعين، ومن الواجب عليهم كذلك تدريب الموظفين على التحمل والصبر والابتسامة، فهُم أول من يراه المواطن حين دخوله المستشفى.
وللحديث بقية..