وسط تعالي الأصوات المحذّرة من تعرض الأسيرين المريضين في سجون الاحتلال الإسرائيلي: بسام السائح، وسامي أبو دياك، للموت في أي لحظة، يؤكد مسؤولون في شأن الأسرى وجود جهد رسمي "خجول" في ملف الأسيرين للضغط تجاه علاجهم أو الإفراج عنهم وتلبية أدنى شروط أسْرهم الإنسانية.
ويرى هؤلاء في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" أن السلطة الفلسطينية تمتلك بهيئاتها ووزاراتها العديد من الأوراق المؤهلة لتفعيل أدوات الضغط اللازمة على الاحتلال الإسرائيلي، بما يخص الأسرى المرضى على وجه الخصوص.
وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أمس، بأن خطر الموت يهدد الأسيرين المريضين "السائح" و"أبو دياك" في أي لحظة، وأن حالتهما الصحية "حرجةٌ جدًا"، ولا تحسن على وضعهما الصحي، وهما مصابان بمرض السرطان.
إهمال متعمد
والأسيران "السائح" و"أبو دياك" جزء من حالة عامة داخل سجون الاحتلال بإفادة مؤسسات مهتمة، حيث يوجد أكثر من 700 أسير مريض منهم 25 مصابون بمرض السرطان يعيشون أوضاعا صحية قاسية وإهمالا طبيا إسرائيليا متعمدا.
وقال عضو مكتب إعلام الأسرى علي المغربي: إن التفاعل والجهد الرسمي اللذين تمثلهما السلطة الفلسطينية وأذرعها من وزارات وهيئات وممثليات مع قضية الأسيرين المضربين "السائح" و"أبو دياك"، وعموم ملف الأسرى المرضى "خجولان للغاية" ولا يرتقيان لتضحياتهم.
وأكد المغربي أنَّ قضية الأسرى المرضى ليست وليدة اللحظة، إذ يتجدد الملف على الدوام بتفاصيله المؤلمة، فقد سبق أن استشهد العديد من الأسرى بسبب الإهمال الطبي ودون أن يجد شعبنا في مقابل ذلك خطوة رسمية فاعلة.
وشدد على أنه ليس مطلوبًا من ممثل هيئة شؤون الأسرى في رام الله أن تتمحور أنشطته وأنشطة هيئته حول زيارة أهالي الأسرى أو تهنئة أسير بالإفراج، بقدر ضرورة تواصله مع العالم وفتح قنوات اتصال مع المنظمات الدولية للضغط على الاحتلال من أجل الإفراج عن الأسرى وضمان علاجهم.
مساحات عمل غائبة
وأضاف: "هناك الكثير من المساحات التي يمكن للسلطة أن تعمل فيها ولكنها مقصّرة، سيما في ملف الأسرى المرضى، يمكن لها بأضعف الإيمان أن تفضح ممارسات الاحتلال تجاههم في الساحات الدولية".
وعلى مدار عمر الحركة الأسيرة ارتقى من الأسرى المرضى في سجون الاحتلال وفقا لمكتب إعلام الأسرى (68) أسيرًا، لم تفتح قضية أي منهم في المحاكم الدولية لمعاقبة قادة الاحتلال وإدارة السجون.
وأكد مدير مؤسسة مهجة القدس ياسر مزهر، غياب التضامن مع الأسيرين "السائح" و"أبو دياك" والأسرى المرضى باستثناء المؤسسات غير الرسمية المهتمة بشأن الأسرى، وبعض الفعاليات الشعبية "ورغم ذلك فهو جهد لا يرقى لعذابات الأسرى وآلامهم".
وشدد على أن القصور الكبير يرتبط وفقا للواقع الملموس بالسلطة الفلسطينية التي تغيب دبلوماسيًا وبشكل كبير عن هذه القضية رغم امتلاكها أوراق قوة تؤثر بملف الأسرى المرضى ومن شأنها الضغط للجم ممارسات الاحتلال بحقهم.
وتساءل مزهر عن الدور الذي تقوم به وزارة خارجية السلطة وسفاراتها في الخارج لفضح الاحتلال وما يمارسه من عنصرية تجاه الأسرى سيما المرضى منهم الذين يموتون يوميًا ببطء، مضيفا: "كان على السلطة أن تتحرك منذ زمن طويل، حتى لا يقع المزيد من أسرانا شهداء".
حكم بالموت
وحذرت حركة "حماس" سلطات الاحتلال من مواصلة إجراءاتها القمعية بحق الأسرى.
وعلق عضو مكتب الحركة السياسي موسى دودين على الوضع الصحي الحرج للأسير "السائح" ومواصلة عدد من الأسرى في سجون الاحتلال الإضراب عن الطعام، قائلا: "المقاومة ما زالت على عهدها بوعد الحرية للأسرى، وأبناء شعبنا البطل لن يتركوا الأسرى وحدهم في معركة الأمعاء الخاوية".
وأضاف: "يتهدد الموت حياة الأسير بسام بعد أن استفحل المرض بفعل سنوات الأسر والإهمال الطبي في سجون الاحتلال، وهنا نحمل حكومة الاحتلال كامل المسؤولية عن حياته، فمواصلة اعتقاله تعني الحكم عليه بالموت داخل السجون، وخروجه لأبناء شعبنا شهيدا".
وحث دودين أبناء الشعب الفلسطيني على مساندة عائلات الأسرى المضربين عن الطعام، "فقد أصبحت حياة عدد منهم في خطر بعد الإضراب المتواصل لمدة تزيد على الشهرين، مثل الأسيرين حذيفة حلبية، وطارق قعدان، ومعهم 6 أسرى أمضوا أكثر من شهر في الإضراب".
ودعا المؤسسات والهيئات الحقوقية لسرعة التحرك ورفع ملف الأسرى المرضى والمعتقلين الإداريين للمؤسسات الحقوقية الدولية، "فما تشهده سجون الاحتلال يمثل جريمة ضد الإنسانية بترك الأسرى المرضى يواجهون الموت البطيء".
مسؤولية وطنية
وأكد مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الديمقراطية مصطفى مسلماني أن مسؤولية ملف الأسرى تقع على عاتق الكل الوطني الفلسطيني، في حين تتحمل السلطة بصفتها الرسمية الجزء الكبير من هذه المسؤولية.
وشدد مسلماني على أن السلطة بصفتها الرسمية والقانونية كان من المفترض أن تذهب بملف الأسرى المرضى وهو الملف الأخطر في قلاع الأسر، نحو المؤسسات الدولية لتفعيل حلقة ضغط على الاحتلال الإسرائيلي.
وقال: المطلوب الذي لم يحدث من خارجية السلطة وقنصلياتها هو خلق رأي عام عالمي لإلزام الاحتلال بالقانون الدولي واتفاقية جنيف، بما يصل إلى الكشف الدوري على الأسرى المرضى وعلاجهم، ومتابعة أوضاعهم دوريا ودون تأخير، مؤكدًا أن التفاعل الرسمي مع قضية الأسرى المضربين "خجول" رغم حضوره في بعض المحطات.
من جهته نبه مدير عام نادي الأسير عبد العال العناني إلى وجود حالة "انغلاق" لدى السلطة الفلسطينية وعدم وضوح بالموقف تجاه ملف الأسرى، عوضًا عن غياب قنوات الضغط اللازمة لديها على الاحتلال.
وقال العناني: يمارس الاحتلال سياسة القهر العنصرية تجاه الأسرى المرضى بكل أريحية بفعل تغييب أدوات الردع ولصمت المجتمع الدولي بمؤسساته، مشددًا على أن هذا الأمر ينذر بوقوع شهداء جدد من الحركة الأسيرة.