قد لا يكون مؤلمًا أن نتخذ قرارًا صحيحًا في حياتنا، لكن في كثير من المواقف يكون اتخاذ هذا القرار مؤلمًا وصعبًا، ولا يناسب طبيعتنا الشعورية والنفسية.
عندما نمر بمِحكٍّ لاتخاذ قرار معين على صعيدنا الشخصي، أو الأسري، أو المجتمعي ... إلخ؛ فإننا نبدأ مباشرة حساب الألم والأذى المترتبين على اتخاذ القرار، ولا يكون لدينا تفكير –على الأقل حينها– بما هو صواب وما هو خطأ، بقدر تفكيرنا بالأثر النفسي الذي سيتركه قرارنا، سواء أكان صوابًا أم كان خطأً.
فشخص مسئول يريد اتخاذ قرار يمنع بموجِبه الباعة الجوالين من المناداة عبر مكبرات الصوت، سيجد أن المتضررين أنفسهم من هؤلاء الباعة يقفون في وجه قراره بحجة أن في ذلك قطعًا للأرزاق، هؤلاء الناس فكروا بالأذى النفسي المترتب على القرار وبنوْا موقفهم بناءً عليه.
زوجان لا يعيشان حياة سويّة أبدًا، ولديهما أبناء أو ليس لديهما، يبدو الطلاق حلًّا صائبًا لإيقاف حالة الاستنزاف التي يعيشانها، لكنهما سيفكران في الأبناء أولًا (إن كان لديهما)، وسيفكران في ردة فعل المجتمع على قرارهما، وستفكر الأنثى تحديدًا في الوصمة الاجتماعية التي ينظر بها الناس إلى المطلقة في مجتمعنا، وتفكيرهما بهذه الآلام يدفعهما للبقاء في حالة الموت الزوجي التي يعيشانها، بلا سعادة أو استقرار.
والتفكير في الأمر من زاوية أخرى يبين لنا ما نجنيه على أنفسنا، فعندما يقرر المسئول عدم اتخاذ قرار صائب لأن هناك فئة قد تتضرر؛ فهذا يعني أن فئات أخرى أكثر وأوسع تضررت، والزوجان عندما يقرران البقاء على هذه العيشة النكِدة؛ فإنهما لا محالة سيفكران في إشباع رغباتهما وتحقيق ذواتهما خارج إطار شريك الحياة الزوجية، وهذا ما يسبب بعد ذلك انتكاسات أكبر وأشد صعوبة.
أود التأكيد هنا أن القرار الصائب -وإن اعتراه ألم وأذى- يبقى قرارًا صائبًا، وهو بألمه وأذاه لا يخرجنا من الأزمة التي نمر بها وقتها فقط، بل يقينا أيضًا شرور أزمات وعواقب ستحدث لاحقًا، إن نحن بقينا على الحالة ذاتها خوفًا من الألم.
فلنتألم قليلًا من قرار صحيح؛ حتى لا نتألم طوال حياتنا من قرار خطأ.