عدَّ مسؤولون اعتقال واستدعاء الاحتلال الإسرائيلي مرجعيات دينية مقدسية، محاولة لعزل هذه القيادة عن دائرة صنع القرار والتأثير في الرأي العام المقدسي، مؤكدين أنَّ لهذه السياسة تأثيرا معاكسا بحيث تزيد من ترابط الجمهور بمرجعياته الدينية وتمسكه بها.
وأكد المسؤولون، أنَّ سلطات الاحتلال تحاول عبر سياسة الاعتقال والاستدعاء المتبعة، وضع مرجعيات القدس تحت الضغط المستمر، وخلق حالة فراغ كبير في المسجد الأقصى وصولًا لإحكام سيطرتها عليه.
واستدعت مخابرات الاحتلال، السبت الماضي، مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس عزام الخطيب للتحقيق، فيما وجهت استدعاءً آخر أول أمس لرئيس الهيئة الإسلامية وخطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري، وأفرجت عنه بعد ساعات من التحقيق في مركز شرطة "المسكوبية" غربي القدس المحتلة.
وصعدت سلطات الاحتلال في الآونة الأخيرة من استهدافها لمسؤولي وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة ولحراس المسجد الأقصى، سواء من خلال الاستدعاء للتحقيق أو الاعتقال، أو الإبعاد عن الأقصى لفترات متفاوتة.
وفي وقت سابق حذر وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية عبد الناصر أبو البصل سلطات الاحتلال من اعتداءاتها المتكررة على موظفي الأوقاف الإسلامية والمرجعيات الدينية في القدس.
المفتي يستنكر
واستنكر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، الممارسات العدوانية التي تنفذها سلطات الاحتلال ضد الشخصيات الدينية والوطنية المقدسية.
وأشار حسين، في بيان، أمس، إلى استدعاء سلطات الاحتلال خطيب الأقصى الشيخ عكرمة صبري، ومدير عام أوقاف القدس عزام الخطيب للتحقيق، وكذلك مداهمة منزل وزير القدس فادي الهدمي.
وعد أن ذلك يشكل سابقة خطيرة تأتي ضمن سياسة التهويد والتخويف وإسكات الأصوات الداعية إلى الدفاع عن الأرض والمقدسات والمجتمع الفلسطيني.
وانتقد الذرائع التي تسوقها سلطات الاحتلال من أجل تبرير هذه الاعتداءات بحق الشخصيات المقدسية، مؤكدًا أن العدوان الإسرائيلي هذا يدل على تخبط الاحتلال واستخفافه بحق المواطنين المقدسيين.
ونبه إلى أن هذه الهجمة ارتفعت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، وذلك إرضاءً للمتطرفين والمستوطنين لكسب أصواتهم قبل الانتخابات الإسرائيلية.
وانتقد استغلال المقدسات الفلسطينية كدعاية انتخابية للأحزاب الإسرائيلية، محملًا الإدارة الأمريكية المسؤولية عن غطرسة وعنجهية عدوان الاحتلال كونها ترعاه.
إجراءات عزل
بدوره قال عضو مجلس الاوقاف في مدينة القدس المحتلة، حاتم عبد القادر، إنَّ الاعتقالات والاستدعاءات الإسرائيلية بحق مرجعيات القدس الدينية وحتى السياسية لم تتوقف منذ احتلال المدينة، إلا أنها تتصاعد وفقا لمقاييس المعطيات على الأرض.
وأشار عبد القادر في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن الاحتلال انتقل تدريجيًا في حربه من استهداف المؤسسات إلى الشخصيات الدينية والوطنية، سيمّا تلك التي تنادي بعدم الانصياع لإجراءاته المتصلة بالأوضاع الاجتماعية.
وأكد أن إجراءات الاحتلال لعزل المرجعيات والقيادات الوطنية عن القاعدة الجماهيرية في مدينة القدس المحتلة، ومحاصرة هذه المرجعيات من خلال عدم تمكينها من التدخل في المجتمع المقدسي باتت مكشوفة.
وشدد عبد القادر على أن هذه السياسة لن تنجح وستأتي بنتائج عكسية، لأن مواطني القدس يحترمون بشكل كبير دور هذه المرجعيات ونهجها المحافظ على عروبة مدينتهم، وضمان سلامة النسيج الاجتماعي الذي يحاول الاحتلال تفكيكه.
وأكد أن جميع المستويات المقدسية ترفض سياسة الاعتقالات والاستدعاءات الإسرائيلية القائمة، وتوقن بأنها لن تثني المرجعيات الدينية والوطنية عن المضي قدمًا بدورها الوطني والديني المنوط بها.
بدوره، قال نائب مدير عام أوقاف القدس ناجح بكيرات، إنَّ الاحتلال يفكر في اتجاهات عدة من أجل إبقاء تبعية مدينة القدس لسلطته، والاعتقالات والاستدعاءات الخاصة بالمرجعيات الدينية لا تخرج عن هذا السياق.
وشدد بكيرات في حديثه لصحيفة "فلسطين" على أن الاحتلال يحاول جاهدًا عزل الرموز الدينية التي تعد مرجعا أساسيا للقاعدة الجماهيرية أو الشارع المقدسي، وتجميد دورها في أي اتجاه كان.
ورأى أن لجوء الاحتلال إلى عمليات اعتقال واستدعاء شبه دورية لتلك المرجعيات يهدف لخلق فراغ كبير في المسجد الأقصى وصولًا لإحكام السيطرة عليه، مؤكدًا أنّ ذلك ثبت واقعيًا خلال عدة حوادث خلال الأشهر القليلة الماضية.