أصبح القرار الأول والأخير مرتبطًا بزمام الوضع الاقتصادي، فمع الظروف السائدة من تقليص في رواتب الموظفين وتأخر صرفها لجأ العديد من الأهالي إلى تقليصات في المصاريف لتكفي لسد احتياجاتهم، ومنها اتخاذ قرار بعدم إرسال أبنائهم إلى رياض الأطفال لمرحلة "البستان"، والاكتفاء بمرحلة واحدة فقط.
وقالت أم زين: "الأمر لا يتوقف على التسجيل فقط، بل يتعدى الرسوم إلى العديد من المصاريف".
وأضافت لـ"فلسطين": "بمجرد التسجيل تنهال عليك العديد من المتطلبات: دفع رسوم شهرية، ورسوم للكتب وأوراق العمل، وزي الروضة والرياضة، والرحلات، والشهادات والمشاركة في الاحتفالات، هذا غير إذا كانت الروضة بعيدة عن البيت، وتريد تسجيل ابنك في الحافلة الخاصة بالروضة".
وأشارت أم زين إلى أنها اتخذت قرارًا بعدم تسجيل ابنها هذا العام، والاكتفاء بعام واحد فقط، مرحلة التمهيدي، وستحاول هي مع طفلها تعليمه الحروف باللغتين العربية والإنجليزية، وتحفيظه قصار السور القرآنية.
آثار سلبية
من جهته قال الاختصاصي النفسي والتربوي إبراهيم التوم: "لاشك أن تنشئة الطفل لابد أن تشمل جميع الجوانب الجسمية والنفسية والعقلية والتعلمية والصحية والتربوية، وهذا يتطلب وعيًا كبيرًا من الأهل والمربين بجميع متطلبات المراحل العمرية".
وأوضح التوم لـ"فلسطين" أن التسلسل في المراحل التعليمية مبني على أسس علمية وتربوية قائمة على تفهم مراحل النمو، والأخذ في الحسبان الخصائص النمائية المختلفة لكل مرحلة عمرية.
وأشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية تركت آثارًا سلبية على كل مكونات المجتمع وجميع مجالات الحياة، ومنها التعليم، فهناك شرائح مجتمعية تغير سلم أولوياتها بناءً على الوضع الاقتصادي.
وأضاف: "ظهر توجه لدى بعض الأسر إلى تسجيل أبنائهم في مرحلة التمهيدي دون إلحاقهم بالمرحلة الأولى البستان، ظنًّا أنها كافية لإعداد الطفل تربويًّا وتعليميًّا، لكن –يا للأسف الشديد!- ظهرت تأثيرات سلبية على هؤلاء الأطفال، وهي متمثلة في ضعف عضلات اليد وصعوبة الكتابة والقراءة، وصعوبة التأقلم، وضعف في القدرة على الانتباه والتركيز أحيانًا، والعزلة وعدم الاختلاط مع أقرانه، وضعف في قدرته على الفهم والاستيعاب والمشاركة والتفاعل والخجل، وحب الذات والأنانية، وعدم قدرته على التعبير، وضعف قدراته الإدراكية والتآزر البصري والحركي والسمعي والذهني".
وبين التوم أن هناك مبدأ فروق فردية، بمعنى أن هناك أطفالًا يستطيعون التأقلم والتكيف، وتجاوز المراحل التعلمية الأساسية، ولكن هذا يتوقف على المتابعة والدعم الأسري ومعالجة الأخطاء منذ البداية، والتواصل مع المدرسة دوريًّا وباستمرار.
ولفت إلى أن هناك أطفالًا يجدون صعوبة في التحصيل الدراسي ولديهم نقص دافعية، وضعف في الإنجاز، ما يؤثر في شخصيتهم في المستقبل القريب والبعيد، لكنهم يمكن أن يبدعوا في مجالات تعليمية وفنية ورياضية.
وختم التوم بقوله: "خلاصة القول إن غياب أي مرحلة تعليمية يؤثر سلبًا في الشخصية، والتحصيل، والدافعية، والقدرة على الإنجاز، والتأقلم، والتوازن النفسي والاجتماعي".