في إحدى زوايا فصل دراسي بمدرسة حكومية شرق مدينة غزة، كان الطالب في الرابع الابتدائي، أحمد منصور، يجلس بين زملائه ومشاعر الفرحة بحلول العام الدراسي الجديد تغيب عنه بشكل تام، إذ يرتدي ملابس تبدو "غير جديدة".
ولم يقُم منصور بالمشاركة مع زملائه بالأنشطة الأولية التي كان يطرحها المعلم في أول أيام الفصل الدراسي، وذلك لشعوره بأنه يختلف عن زملائه في الفصل، بسبب عدم استطاعته شراء كامل احتياجاته المدرسية.
يقول منصور لصحيفة "فلسطين"، التي شاركت في جولة لعدد من المدارس الحكومية والتابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في محافظتي غزة وخان يونس جنوب القطاع، بمناسبة بدء العام الدراسي: "لا فرحة بالعودة للمدارس، فلم أشترِ حقيبة جديدة، وسأستخدم حقيبة السنة الماضية".
وتوجه صباح أمس، مليون وثلاثمئة وعشرة آلاف طالب وطالبة إلى مدارسهم في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، إيذانًا ببدء العام الدراسي الجديد 2019-2020، إذ بلغ عدد المدارس فيهما 3079 مدرسة؛ منها 2267 حكومية بواقع 1852 في الضفة، و415 مدرسة في غزة، و436 مدرسة خاصة.
ويضيف منصور: "رغم عدم شراء جميع مستلزمات المدرسة استيقظت برفقة إخوتي الأربعة، وحضرت إلى المدرسة وسأكمل العام الدراسي، فأعرف الكثير من الطلاب لم يشتروا حقيبة المدرسة".
ولم يكن الطالب منصور الوحيد الذي اختفت ملامح فرحة قدوم العام الدراسي عنه، فإلى جانبه كان هناك قرابة 12 طالبًا دون زي مدرسي جديد، وفق ما رصده مراسل "فلسطين".
فرحة العودة للمدارس
الطالب حمادة صالح يقول: "والدي عاطل عن العمل منذ سنوات طويلة، ولدي 5 أشقاء جميعهم في المدرسة، ولم يستطِع توفير أي من المستلزمات الخاصة بالعام الدراسي إلا لاثنين فقط من أشقائي من خلال جمعية خيرية".
ويوضح صالح لـ"فلسطين" أن شعورًا بـ"كسرة النفس" سيطر عليه في اليوم الأول للعام الدراسي الجديد، بسبب اختلافه عن زملائه الطلبة في الفصل الدراسي، وعدم استطاعته شراء زي دراسي جديد له.
كذلك يشكي العاطل عن العمل محمود أبو سلامة (45 عامًا)، الذي يعيل 6 أبناء، من عدم مقدرته على توفير متطلبات العام الدراسي لهم؛ بسبب عدم توافر فرصة عمل له وسوء الأوضاع الاقتصادية.
ويوضح أبو سلامة لـ"فلسطين" أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها غالبية سكان قطاع غزة أثرت في توفير مستلزمات طلبة المدارس، وحرمان الأبناء من فرحة العودة إلى مقاعدهم الدراسية.
ويعيش قطاع غزة حصارًا إسرائيليًّا مستمرًّا منذ 13 عامًا، تسبب في حرمان آلاف العمال من الحصول على فرص عمل، إضافة إلى اشتداده في السنة الأخيرة بعد فرض رئيس السلطة محمود عباس عقوبات جديدة على القطاع، كان أبرزها تقليص رواتب الموظفين، وقطع رواتب آخرين.
مراعاة الظروف
وكيل وزارة التربية والتعليم بغزة، زياد ثابت، أكد أن وزارته أعطت تعليمات واضحة لمديري المديريات التعليمية والمدارس، والمعلمين، بضرورة مراعاة ظروف الطلبة الاقتصادية، من خلال عدم زيادة الطلب على القرطاسية والاكتفاء بالحد الأدنى منها، وكذلك عدم التشدد بموضوع الزي المدرسي.
وقال ثابت في حديث لـ"فلسطين" خلال جولة قامت بها وزارته على عدد من المدارس: "طلبنا أن تكون التبرعات المدرسية طوعية، وضرورة عدم معاقبة أي طالب لم يقُم بدفع أي أموال، مراعاة لظروف الناس الاقتصادية".
وبين أن وزارته تواصلت مع العديد من المؤسسات لتوفير الحقائب والقرطاسية لعدد من الطلبة، حيث سيتم توزيع تلك المساعدات على المحتاجين في الأماكن الأكثر احتياجًا في قطاع غزة".
وأوضح أنه رغم ظروف الحصار المفروض على قطاع غزة، وأزمة رواتب المعلمين، بدأت الوزارة مبكرًا بالتحضير لبدء العام الدراسي الجديد، حيث سيتم خلال الأيام القادمة استكمال جميع الشواغر التعليمية في الوزارة.
وأشار ثابت إلى أن وزارته تتوافر لديها مجموعة من برامج مشاريع التشغيل المؤقت والتي ستنفذ مجموعة من البرامج لتطوير ودعم العملية التعليمية خلال العام الدراسي، مضيفًا: "سنعمل على تنفيذ خطة متكاملة تركز على تطوير أداء الطلبة وزيادة التحصيل في المدارس هذا العام في جميع المراحل الدراسية، وسيكون هناك تركيز على مرحلة الثانوية العامة للحصول على نتائج أفضل".
وأوضح أن وزارته افتتحت مع بداية العام الدراسي الجديد ثلاث مدارس جديدة، إضافة إلى إجراء صيانة وتأثيث المدارس بالشكل المطلوب، مع وجود مشاريع جديدة.