فلسطين أون لاين

​خشية من تجدد قرار إبعادهن

"حلواني" و"خويص".. فرح ودموع بـ"اللقاء الأول" في باحات الأقصى

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

بعد عام من الإبعاد عن المسجد الأقصى، تدخل المرابطة هنادي حلواني من باب "حطة" لأداء صلاة الجمعة الماضية، لأول مرة منذ قرار إبعادها، وما إن وصلت الباب حتى أمسك شرطي إسرائيلي جهاز مكبر الصوت، وقبل أن يتفوه بكلمة واحدة سبقته بالكلام: "بلم عليك الناس اللي بالأقصى إذا بدك تحكي شيء"، وقطع الطريق أمامها محاولًا إفساد فرحتها بدخول الأقصى والتجول بساحاته وباحاته.

"مشاعر ممزوجة بالفرح خلال اللقاء الأول بعد عام، والخوف من الاعتقال بعد فترة طويلة من الإبعاد"، هكذا وصفت حلواني المشهد الأول.

وتقول: "شعور بالشوق ممزوج بالألم وشعور بالعزة.. فلولا أثري في الأقصى لما أبعدني الاحتلال".

وحدها "دموع القهر" كانت تواسي "حلواني" وخويص"، فتخرجان مع المصلين حتى أبواب الأقصى وتتساءلان بحسرة: "كيف لجندي لا نعرف من أين جاء، يمنعنا من الصلاة في الأقصى".

ليس آخر العهد

دائمًا ما يكون اللقاء الأول مختلفًا، فكيف يكون حال مبعد لعام عن الأقصى؟ تجيب حلواني في حديثها مع صحيفة "فلسطين" بنبرة صوت بدت سعيدة: "اختلطت المشاعر بين الخوف والفرحة، لأنني أعلم أن هذا ليس آخر عهدي مع الاحتلال، وأنه لن يكون القرار الأخير، فالمؤشرات بحق المرابطين وحراس الأقصى تدفعني لهذا القلق والإحساس".

"دخلت الأقصى بعد سنة من الإبعاد سبقتها تسعة أشهر أخرى، فكان قرار المنع بين المدة والأخرى يومًا أو ثلاثة أيام، فكانت أسرع من فرحة اللقاء"، تحدث عن معاناتها.

حصلت حلواني على أول قرار إبعاد عام 2012م، وتوالت القرارات بعد ذلك بالإبعاد لمدة ستة أشهر أو تجديدها إلى سنة كاملة كما حصل العام الماضي، ولا تستبعد أن يتم اقتحام بيتها في أي وقت أو اعتقالها في إحدى زياراتها للأقصى، فخلال الأعوام الأربعة الماضية لم تزُر الأقصى سوى أيام معدودات.

وتضيف: "يعتقد الاحتلال بإبعادي أنني انتهيت، لكن رسالتي أصبحت أبعد مما يتخيل، فخلال فترة إبعادي استخدمت منصات التواصل الاجتماعي بفضح انتهاكات الاحتلال، وإعداد المقلوبة للمصلين والمرابطين".

وتقول حلواني: "كان عيدي لهذا العام بدخولي للأقصى، وكأن الفرحة لم تسع الكلمات،رغم أن الاحتلال يهدف من عملية الإبعاد لإيصال رسالة لنا بأنه المسيطر، وأن حاخامات المستوطنين يتداولون صورًا لهم وهم بداخل الأقصى، وصورًا لنا يستهزئون بأننا لا نستطيع دخول المسجد".

لكن حلواني لم تستسلم لقرار الإبعاد طوال العام، وكانت عن عتبات أبواب الأقصى تبث بشكل مباشر على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي انتهاكات الاحتلال، وكانت تدعو الناس للرباط للأقصى وتطهو لهم المقلوبة التي أغاظت بها الاحتلال وتدخلها لساحات الأقصى لإطعام المرابطين، فهذه الأكلة هي وسيلة لتجميع المقدسيين أكثر من كونها طبخة فلسطينية حتى قرر الاحتلال منعها في هبة باب الرحمة".

أراد الاحتلال تحطيم معنويات هذه المرابطة بتدمير بيتها في ليلة السادس والعشرين من رمضان الماضي لإشغالها عن دعوة الناس للاعتكاف بعد أن قام باعتقالها في ذلك اليوم لعدة ساعات، ولكنها خرجت من بين الألم، وفي الليلة التالية ختمت القرآن مع إحدى طالباتها على أبواب الأقصى، وطهت المقلوبة، وورق "الدوالي"، وبثت مباشرة انتهاكات الاحتلال ودعت للاعتكاف في الأقصى.

ترحال ورسائل

وأما خديجة خويص فكثير من أيامها أمضتها على أبواب الأقصى طوال شهر رمضان، وهبة باب الرحمة، وأيام الأعياد سافرت لعدة دول لتوصل رسالة الأقصى إلى تركيا وعمان، والبحرين، والكويت، وتونس.

"بقيت قوية حتى لو أبعدوني.. فهم أبعدوا الجسد ولم يبعدوا الروح والفكرة، أوصلت رسالتي عبر مواقع التواصل الاجتماعي والفعاليات بجامعات البلدان التي سافرت إليها، وفي وظيفتي كمعلمة في المدارس".

وتقول إن أكثر ما أحزنها عدم مشاركتها للمصلين في فتح مصلى باب الرحمة في فبراير الماضي، بعد سنوات من إغلاقه.

وتضيف عن دخول الأقصى: "تعمدت دخوله فجرًا حتى لا تنغص شرطة الاحتلال عليَّ فرحتي، ولم يروني، توجهت مباشرة إلى مصلى باب الرحمة لما لي فيه من ذكريات كثيرة".

ما زالت خويص تتحدى الاحتلال: "لن يستطيع قتل عقيدة الرباط في قلبي وعقلي".

هل اختلف الوضع بالنسبة لك عن قبل عام؟ تجيب: "الصراع تزداد حدته، فالاحتلال يحاول الحصول على مكاسب جديدة لجماعات الهيكل؛ هو صراع عقيدة لن ينتهي إلا بزوال الاحتلال".