توالت المواسم تباعًا بدءًا من شهر رمضان ثم عيد الفطر، وعيد الأضحى، وأخيرًا المدارس، وما تحتاجه من مصاريف وتجهيزات، والجميع يعلم الوضع الاقتصادي والظروف السيئة التي يعيشها أهالي قطاع غزة، وهنا لا بد أن يبرز أهمية التكافل الاجتماعي بين العائلات للمساعدة في التجهيز للعام الدراسي الجديد.. فما أهمية هذا التكافل الاجتماعي؟
قال العضو الاستشاري في رابطة علماء فلسطين الداعية أحمد زمارة: "الناس في هذه الدنيا كالبنيان يشد بعضهم بعضا، ويسند الواحد منهم أخاه، كان العرب في الجاهلية يمتدحون صاحب اليد المبسوطة بالخير للناس، حتى جاء الإسلام وأثنى على هذه الخصال الكريمة، بل ورتب القرآن الكريم والسنة النبوية فضائل عظيمة وأجورًا كبيرة لمن يكفل المسلمين ويغني فقرهم، قال الله تعالى: "مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ".
وذكر قول عبد الله بن عمر أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد- يعني مسجد المدينة- شهرًا، ومن كفّ غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام".
وأوضح زمارة أن التكافل الاجتماعي في الإسلام ليس مقصورا على النفع المادي وإن كان ذلك ركنًا أساسيًا فيه، بل يتجاوزه إلى جميع حاجات المجتمع أفرادًا وجماعات، مادية كانت تلك الحاجة أو معنوية أو فكرية، فعن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن، كسوت عورته، وأشبعت جوعته، أو قضيت حاجته".
وأضاف: "وفي ظل حديثنا عن التكافل كان حريا بنا أن نذكر أنفسنا بأننا على أبواب موسم دراسي جديد، يقبل الطلاب فيه على مدارسهم، ليطلبوا العلم النافع، لأن العلم وصية الله لأنبيائه قال تعالى: "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم ومتعلم".
وبين زمارة أنه هنا تظهر أهمية تقديم يد العون والمساعدة للفقراء، من خلال تقديم الصدقات، والإحسان لهم فجميعها من الأسس التي نص عليها الإسلام، كما أنه يعود بالنفع والأجر العظيم.
ولفت إلى أنه يتوجب على أصحاب المال والأغنياء من أهل البلد، وميسوري الحال أن يدخلوا السرور والفرحة والبهجة على الطلاب الفقراء، فلا بدّ من التكاتف والتعاون بين الناس حتى ترتسم البسمة على وجوه جميع الطلاب، ليكون للعام الجديد بهجته، فمن وجد عنده فضل مال أو قرطاسية زائدة عن حاجة أبنائه أو حقيبة لا لزوم لها، أو زي مدرسي جديد لا يلزم أهل بيته، ليتبرع بما وجد لمن لم يجد.
وختم زمارة حديثه: "ولنعلم أن اغاثة طالب العلم وإدخال السرور على المسلمين، ورسم البسمة على شفاه المحرومين هي من أفضل القربات لرب الأرض والسموات، وعلى لجان الزكاة أن تقوم بدورها في مساعدة الناس وتكون مطلعة على أوضاعهم وتتفقدهم في أوقات المواسم، كما على وزارة التربية والتعليم أن تراعي ظروف الأهالي والطلبة".