تزعم الصحف العبرية أن حكومة نتنياهو تُعِدُّ لحرب ماكرة ومفاجئة ضد قطاع غزة، وتنقل عن نتنياهو أن الانتخابات لا توجه حركته، وإنما يتوجه بضرورة توفير الأمن لمدن وقرى غلاف غزة. وتنقل الصحف عن كوخافي رئيس الأركان أنه قد انتهى من إعداد الجيش لحرب في غزة تكون أوسع وأشد من حرب الجرف الصامد.
هذا الضخ الكثيف للتهديدات والتصريحات الساخنة يهدف إلى شلّ قدرة القطاع على التفكير والعمل المتوازن، وهو لا يعني بالضرورة قرب وقوع حرب على غزة، بل ربما يهدف إلى خلق رادع ذاتي عند حماس والفصائل الأخرى للامتناع عن القيام بأعمال عسكرية على الحدود، أو داخل البلدات الصهيونية، كعملية التسلل الأخيرة التي نظرت إليها ( إسرائيل) كآلية عمل جديدة تتبعها الفصائل.
حكومة الاحتلال، وقادة جيش الاحتلال، يعلمون أنه لا جدوى لهم من حرب واسعة النطاق على غزة، وأن أي حرب جديدة لن تحقق أهداف (إسرائيل ) الحيوية، كإسقاط حماس، وكسر جناحها العسكري القسام، وإعادة سلطة عباس لغزة، وتحقيق هدوء طويل الأمد.
غزة ستبقى شوكة في حلق الاحتلال في الحرب، وقبل الحرب، وبعدها، فأخطر ما يواجه المخطِّطين للحرب على غزة هو الجوابُ على مطلوب اليوم التالي لانتهاء الحرب. فهل ستعود حكومة الاحتلال لتحمل أعباء حياة السكان اليومية؟! وهل الانتصار العاجل لحرب واسعة سيوقف أعمال المقاومة، وقد بات السلاح موجودا في بيوت غزة كما توجد أدوات المطبخ فيها؟ وكيف لهذا الهدوء أن يحدث وثقافة الجهاد والمقاومة والشهادة هي أعلى الثقافات في غزة، وأكثرها استقطابا للشباب في العشرينيات من العمر؟
أنا لا أرجح قيام حرب واسعة قبل الانتخابات، لأنها تحمل خطر سقوط الليكود، ولا أتوقع قيامها بعيد الحرب بأشهر عديدة، وأرجح أن ضخا كثيفا لتصريحات الحرب القادمة يهدف إلى تحقيق الهدوء بلا حرب، وفرض ردع ذاتي على قادة المقاومة في غزة. حكومة نتنياهو التي تبحث عن تطبيع علني مع دول الخليج والمملكة، وتركز جهودا كبيرة على الخطر الإيراني لا تتعجل إفساد هذه الإستراتيجية بحرب على غزة، وهذا وجه آخر لترجيح كذب التهديدات الأخيرة.