فلسطين أون لاين

أبو شريف:لا أثق بقرارات السلطة ولا أفق لتنفيذها

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

تساؤلات ملحة تحيط بإعلان رئيس السلطة محمود عباس الأخير، وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل)، أبرزها عن مدى الجدية في التطبيق الفعلي، لكن بسام أبو شريف، مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات، يستبعد ترجمة القرار عمليًّا.

أبو شريف استبعد في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أن يترجم عباس قراره على أرض الواقع، قائلا: القرار "جيد رغم أنه جاء متأخرًا؛ لكن يُشترط أن يُقرن بالترجمة العملية".

وجاء إعلان عباس الشهر الماضي، على إثر هدم قوات الاحتلال مباني فلسطينية في حي واد الحمص ببلدة صور باهر جنوب شرقي مدينة القدس المحتلة. وكانت هذه المباني مرخصة من السلطة لكونها تقع في المنطقتين المصنفتين "أ" و"ب" بموجب اتفاق أوسلو.

ويسود اعتقاد على نطاق واسع بأن إعلان عباس تشكيل لجنة خاصة بقراره وقف العمل بالاتفاقيات مع (إسرائيل) لا يعني جدية في التنفيذ، لا سيما أن السلطة سبق أن شكلت حوالي ثماني لجان لتنفيذ القرار نفسه، دون خطوات عملية.

وقال أبو شريف: "عباس وضع السلطة في مأزق يصعب الخروج منه، نتيجة التوقيع على عدد من الاتفاقيات وأبرزها أوسلو"، مستبعدًا أن يشكِّل القرار شيئًا ماديًّا ملموسًا.

وبحسب أبو شريف، فإن عباس اتخذ القرار بعدما وجد نفسه غارقًا في مستنقع الولايات المتحدة التي تسعى لخنق القضية الفلسطينية عبر قراراتها المجحفة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يُتخذ فيها قرار وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير و(إسرائيل)، إذ إن الأولى قررت منذ 2015 وقف التنسيق الأمني، وتأكيد انتهاء الفترة الانتقالية التي تحددها تلك الاتفاقيات، والانفكاك الاقتصادي وغير ذلك، لكن بقيت القرارات حبيسة الأدراج.

ووصف أبو شريف، إعلان عباس عن القرار أنه "نوع من التكفير عما ارتكب من أخطاء فادحة بحق القضية الفلسطينية".

وتابع: "من يؤمن بأن الولايات المتحدة ستمنح الفلسطينيين شيئًا فهو مخطئ، وإذا تكرر الخطأ مرتين فذلك إجرام بحق الشعب الفلسطيني وقضيته"، منبهًا إلى أنه إذا حارب عباس الاحتلال والفساد والفاسدين فإن ذلك سيلقى دعما فلسطينياً.

لكن أبو شريف أكد عدم ثقته بأي وعود أو قرارات تصدر عن السلطة ورئيسها عباس، خاصة في ظل عدم تطبيق القرارات السابقة التي اتخذها في اجتماعات المجلسين الوطني والمركزي.

ويشار إلى أن عباس سبق أن وصف التنسيق الأمني بأنه "مقدس"، وقال في سبتمبر/أيلول 2018: إنه يتفق مع رئيس "الشاباك" نداف أرغمان بنسبة 99% من قضايا هذا التنسيق.

والتنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة و(إسرائيل) هو أحد بنود اتفاق أوسلو الذي ينص على تبادل المعلومات بين الطرفين.

ويعتقد أبو شريف، أن قرار عباس "الذي جاء متأخرا"، يدل على "أنه بدأ يقتنع" بعدم صوابية النهج الذي سار عليه منذ تسلمه رئاسة السلطة، وهو المراهنة على موقف الإدارة الأمريكية.

وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تقف بكل ما لديها من قوة ونفوذ إلى جانب (إسرائيل) تشجعها على إجراءاتها الرامية لبسط سيطرتها الكاملة على كل مدن الضفة وتدمير المسجد الأقصى.

واتهم السلطة بالتقصير في تنفيذ قرارات وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال، التي اتخذتها طيلة السنوات الماضية.

إنجازات مسيرة العودة

ولفت أبو شريف إلى أن رد الاحتلال على قرار عباس وقف العمل بالاتفاقات الموقعة بين السلطة و(إسرائيل)، "اتسم بالاستهزاء".

وقال: لو جمدت السلطة كل الاتفاقيات سيبقى التنسيق الأمني مستمرا، فهو المطرقة التي تنهال، خدمة للاحتلال، على رأس المناضلين، مشددا على أنه لا يمكن أن تسير السلطة بتنفيذ قرارات وقف العمل بالاتفاقيات؛ لأن ذلك "قد يضر بمصالح بعض قياداتها".

وتابع: "في ظل عدم وجود أفق للترجمة العملية على الأرض، فإن الحل هو تحرك الشارع الفلسطيني ضد الاحتلال".

وفي 13 أيلول/سبتمبر 1993 وقعت منظمة التحرير و(إسرائيل) اتفاق أوسلو، في البيت الأبيض، ووقع عباس بصفته آنذاك أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

وشكل هذا الاتفاق غطاء لعدة اتفاقيات بين الطرفين، منها اتفاقيات تتعلق بالمياه والكهرباء والتنسيق الأمني والنواحي الاقتصادية.

وشدد أبو شريف على أهمية انطلاق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل ما أوتي من قوة، من خلال تحركات شعبية في كل زمان ومكان، "ليرقى لمستوى الانتفاضة الشعبية".

وقال أبو شريف: إن ما أنجزته مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، يوازي أضعاف ما أنجزته السلطة طيلة 10 سنوات.

وبيّن مستشار الراحل عرفات، أن التحرك الشعبي يشكّل نسبة كبيرة في ميزان القوة، مضيفًا: "إذا كان أبو مازن (عباس) جادًّا في هذا النهج فعليه أن يحرك الشارع ويطلق حرية فصائل المقاومة في التصدي للاحتلال".

في السياق، أكد أبو شريف، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشكل مصدر الخطر على الشعب الفلسطيني وقضيته، واصفا ترامب بأنه "العدو الأول" للشعب.

وطالب أبو شريف، بعدم فتح أي قنوات للتفاوض مع ترامب سرًّا أو علنًا، مقترحًا أن تجري السلطة وقيادات منظمة التحرير اتصالات سريعة لعقد مؤتمر دولي يضم روسيا والصين والدول الأوروبية المؤيدة للقرارات الدولية، للخروج في خيار يواجه مشروع ترامب.

وحذر من وجود مخطط تقوده الولايات المتحدة يقضي بضم الضفة وجعلها تحت سيطرة (إسرائيل)، مرجحًا أن يعلن ترامب موافقته على ذلك علنًا.

وأوضح أن مَن سمح لبعض أعضاء قيادة السلطة أن يزوروا السفير الأمريكي في (إسرائيل) ديفيد فريدمان، "لا يمثل الشعب الفلسطيني".

وقال أبو شريف: "من يتصور أن السلطة القائمة الآن ستتحول إلى دولة واهم"، مشيرًا إلى أن منظمة التحرير يناط بها مهمة تحرر وطني كبير يتمثل بتحرير الأرض الفلسطينية ومنع التهويد وإجبار (إسرائيل) على تنفيذ القرارات الدولية.

ودعا أبو شريف، الكل الفلسطيني للتحرك وإبراز قيادات شابة لتجديد النضال وحيوية الكفاح، "لأن معاركنا مع الاحتلال طويلة".