فلسطين أون لاين

​من أيِّ مكان في العالم

"سمارت هوم" يُمكِّنك من التحكم بأجهزتك الكهربائية بالصوت

...
استطاع نصير توظيف التكنولوجيا الحديثة وتطوراتها في ابتكاره
غزة/ مريم الشوبكي:

"شيك" شؤون والدته هو من أعاده إلى مقاعد الدراسة مجددا، بعد أن أحكمت الظروف قبضتها وأرغمته على ترك مقاعد دراسة الطب في ألمانيا عام 2009، حيث لم يفصله عن لقب طبيب سوى عام واحد، فتبعثر أمله حتى نفض غبار اليأس عام 2014، وقرر بدء مشوار العلم من البداية.

بعد خمس سنوات من الاستسلام لواقعه الاقتصادي الصعب، التحق هاني نصير بقسم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جامعة القدس المفتوحة فرع شمال قطاع غزة.

من أفلام الخيال العلمي استلهم نصير (37 عاما) وهو من سكان بلدة بيت حانون، شمالاً، مشروع البيت الذكي (سمارت هوم) حيث يقوم بالتحكم بجميع أجهزة البيت الكهربائية من خلال الإنترنت والأوامر الصوتية من أي مكان في العالم.

والمفارقة أن مشروعة يحتاج إلى كهرباء 24 ساعة، وخط اشتراك انترنت والذي لا يمتلك المال لدفع قسطه الشهري، هذه امكانيات بسيطة ولكنها أعظم معيقات تواجه "نصير"، ولكنها لم تعِقه عن إكمال مشروعه، حيث احتضنه خاله وقدم له جميع الإمكانات لكي يستطيع أن يرى "مشروعه النور" للعالم".

يقوم نصير بالتحدث إلى الهاتف المحمول الذي يمسك بيده ويعطيه أمرًا صوتيًا بتشغيل المروحة، وتارة أخرى إنارة المنزل، يقول: "أستطيع التحكم بأجهزة البيت من خلال الأوامر الصوتية التي ألقيها على هاتفي".

ويضيف: "في مشروعي لا أستهدف الهواة بل ذوي المعاقين حركيًا وسمعيًا فهم فئة مهمة في المجتمع، أمكنهم من التحكم بأجهزة البيت من خلال الجوال".

استطاع نصير توظيف التكنولوجيا الحديثة وتطوراتها في ابتكاره، حيث استخدم التقنية التي تقدمها شركة جوجل البحث الصوتي بأكثر من لغة، حيث أخذ الأوامر باللغة الانجليزية وبرمجها في جهازه، حيث يعطيه أي أمر بتشغيل أي جهاز كهربائي ويغلقه.

وسنوات الطب الخمس لم تذهب هباء منثورا، فقد استفاد من خبرته فيها بأول مشروع تكنولوجي ابتكره، يقول: "في عام 2009 تركت ألمانيا وحضرت إلى غزة، ومن ثم أغلق معبر رفح وانتهت اقامتي وانتهى حلمي في إكمال الطب بألمانيا".

ويستدرك نصير: "لكن بعد دراسة تكنولوجيا المعلومات استطعت المزاوجة بين الأمرين، حيث إنّ أول مشروع أفكر فيه في حياتي، كان عن ابتكار عناية مركزة متنقلة من خلالها أستطيع التنبؤ بجلطات قلبية، بالاستعانة بالذكاء الصناعي وإدخال البيانات وتحليلها، حيث تقوم بتشخيص حالة المريض بنسبة 80%".

ويتابع: "يعمل الجهاز على قياس النبض، وتخطيط للقلب، وقياس لنسبة الأكسجين في الدم، وضغط الدم، وبعد تحليل هذه القراءات، يرسل الجهاز إشارة لطبيب مختص بحالة المريض، وفي حال أصيب الشخص بإغماء مفاجئ يقوم الجهاز باستشعار الخطر ويرسل إشارة لطبيب أو اسعاف".

ويقول: إن ضعف الامكانيات المادية وعدم توفر القطع الالكترونية حال دون اتمام المشروع حيث توقف بشكل مؤقت، ويعبر نصير عن آساه بسبب ذلك.

المحن حولها "نصير" إلى منح، حيث قدم مشروع "البيت الذكي" بأقل التكاليف، من خلال ايجاد بدائل برمجية معينة والاستغناء عن بعض القطع الإلكترونية غير المتوفرة، ووصلت تكلفته 500 دولار.

ولم تقف حدود آفاق نصير المستقبلية عند هذا الحد، فهو يسعى إلى تطوير "سمارت هوم" من خلال استخدام الانترنت في التحكم بجميع الأشياء، خزانات المياه، الثلاجات، كاميرا تتحرك مع حركة الأفراد، كأي شخص يريد حماية اختراعه من السرقة، وتسجيل براءة اختراع باسمه، وهنا الإمكانيات المادية كانت حاجزا نحو نسب مشروعه اليه.

ويقول "تواصلت مع مؤسسة في أمريكا لتسجيل براءة اختراعي، ولكني احتاج إلى 150 دولارا لإرسال بعض الأوراق إلى هناك، بالإضافة إلى دفع مبلغ معين لكي أحصل على شهادة براءة الاختراع وفي الوقت الحالي من المستحيل توفير هذه الأموال".

ويطمح نصير إلى إنشاء شركة تكنولوجية تختص بتقديم خدمات للطلبة الجامعيين، وأن يصبح محاضرًا في الجامعة ليفيد الآخرين بعلمه وإكمال دراساته العليا.

وينصح نصير الشباب قائلاً: "من جد وجد ومن زرع حصد، من سهر الليالي بلغ المراد، بالجد والاجتهاد يصل الإنسان إلى ما يريد، لا تقف مكانك تخطى أي صعوبات انظر للأمام ولكل مجتهد نصيب".