"كان خلقه القرآن" هكذا أوجزت السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها رأيها بالنبي عليه الصلاة والسلام، والمتأمل في "كان خلقه القرآن" يجدها من حيث المبنى كلمات معدودات، ومن حيث المعنى، فهي غزيرة بالمعاني العظيمة والدلالات.
إنّ "كان خلقه القرآن" دليلٌ على انسجام سلوك الرسول عليه الصلاة والسلام مع ما جاء في القرآن الكريم، وكأنه يريد توجيهنا لضرورة التجاوب مع الخطاب القرآني.
فما معنى التجاوب القرآني؟ وهل من تأصيل شرعي له؟ وكيف يكون؟ وما فوائده؟
في كتاب التجاوب مع الخطاب القرآني "للدكتور نافذ الجُعب" يعرف التجاوب القرآني: بأنه التفاعل مع آيات القرآن بكل صور التفاعل، من إجابة الأسئلة، وتنفيذ أوامر الله ونواهيه، والسجود في مواضع السجود، والرجاء في آيات الرحمة، والخوف من آيات الخوف.
وعن التأصيل الشرعي للتجاوب مع الخطاب القرآني يذكر أدلة:
1_ إجابة السؤال: سمع النبي عليه الصلاة والسلام امرأة ذات ليلة تقرأ "هل أتاك حديث الغاشية" ؟ فقال: "نعم قد جاءني".
2_ السجود : أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ القرآن فيقرأ السورة التي فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعها لمكان جبهته.
وعن كيف يكون التجاوب يذكر الجعب أن للتجاوب وجهين:
الأول: لفظي
قول الله عز وجل "هل أتاك حديث موسى" التجاوب بـ"نعم أتاني".
"فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين" التجاوب بـ"سبحان الله وبحمده".
"سبح اسم ربك الأعلى" التجاوب بـ"سبحان ربي الأعلى".
والثاني: عملي
قوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" التجاوب بـ"أكل الطيبات".
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم" التجاوب بـ"الإنفاق".
وعن الفوائد التربوية للتجاوب مع الخطاب القرآني:
- تحقيق التدبر في آيات الله والتفكر في معانيها ومرادها مما يقوي قدرة التفكير لديه.
- تحريك القلب تأثرًا بآيات الله فيتحقّق الخشوع والإخبات.
- استشعار مخاطبة الله له مما يريد تعظيمه لله ولكتابه.
- محاسبة المسلم لنفسه حين يقرأ صفات المؤمنين والمجرمين فيأخذ بالصفات الحسنة ويترك الصفات الذميمة.
- تغيير السلوك الخاطئ إلى سلوك صحيح فتتحسن علاقته بالله والناس.
- إشعار المتعلم والقارئ للقرآن الكريم بمكانته عند الله حتى خاطبهم به.