عشية العيد، تعج الأسواق بالناس الذين يتحضرون لشراء ما يلزمهم لهذا الموسم، خصوصًا أنه يأتي ملتحمًا بموسم بداية العام الدراسي الجديد، وبهذه المناسبة نسأل الله أن يعين أرباب الأُسر على ما ينتظرهم من مصاريف وتكاليف ترهق الجيب في ظل وضع اقتصادي شبه ميت!
وفي أي زيارة سريعة للأسواق، ستسمع الشكوى والتذمر من قبل أصحاب متاجر الملابس، الذين يشتكون قِلة الأقبال، وندرة الطلب، وضعف الحركة الشرائية، وهم يروْن أن طوابير الازدحام في الأسواق لا تعكس بالضرورة ازدحامًا على الحركة الشرائية، "فالناس تأتي للتفرج لا للتبضع"!
وهذا مبرر أساسًا بالركود الاقتصادي، وقلة الرواتب وعدم انتظامها، لكن هناك سببٌ آخر برأيي، يسبب هذه الأزمة الشرائية فيما يخص الملابس على وجه التحديد، هذا السبب هو رفع التجار لأسعار بضاعتهم بشكل جنوني ومبالغ فيه، لدرجة أن كثيرًا من قطع الملابس (خاصة الأطفال والنساء) يزيد سعرها عن 200% من سعرها الأصلي، وهنا يتحجج البائعون بقانون "العرض والطلب".
في الواقع إن التجار يعرفون حاجة الناس لهذه الملابس في هكذا مناسبة، ويعون جيدًا أن الأسرة مضطرة للشراء الآن وبالسعر المعروض، فيستغلون ذلك برفع الأسعار وطلب ما هو ليس بحقهم، وهم يرون في ذلك شطارة لاستثمار الموسم، على اعتبار أن الحركة ضعيفة طوال العام، لكنهم لم يلتفتوا ولن يهتموا بحال الناس وقلة ذات اليد.
إن ما يفعله التجار برأيي هو ثاني أكبر العوامل التي تعزز الأزمة الاقتصادية وتضعف الحركة الشرائية بعد عامل الحصار، وحتى دون وجود الحصار، فهذا الفِعل سيوصلنا لنفس النتيجة من ضعف الحركة الشرائية، وإن كان بنِسبٍ متفاوتة.
على التجار أولًا أن يتقوا الله عز وجل في أبناء شعبهم، وأن يعلموا أنهم سبب مباشر فيما هم فيه من ركود، لأنهم لم يقنعوا برزقهم الطيب الحلال، فتجرؤوا على نهب جيوب الناس المتعففين.
على وزارة الاقتصاد والجهات الرقابية ثانيًا أن تتحرك لضبط حالة الهرج التي تحدث في المحلات، وأن يكون لها دور في وضع سقوف للتسعيرات الخاصة بالملابس، أو على الأقل أن يضمنوا لنا أن ما كان يباع قبل الموسم بعشرين دولارًا، لن يباع في المواسم بخمسين دولارًا، وهذا يحدث كل عيد في أسواقنا!