لم يحمل خبر إعلان رئيس السلطة محمود عباس وقف العمل بالاتفاقات مع (إسرائيل) في طياته أمراً جديداً أو غريباً، فلطالما اعتاد على ذلك منذ سنوات عدّة، وخلال اجتماعات المجلسين المركزي والوطني، وفق ما يرى مختصان في الشأن الفلسطيني.
فقد أراد عباس أن يطل بثوب جديد خلال اجتماع طارئ لقيادة رام الله نهاية الشهر الماضي، عبر إعلان تطبيق قرار المجلس المركزي حينما قال: "القيادة لن ترضخ للإملاءات وفرض الواقع"، متهماً الاحتلال بممارسة سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين.
وأعقب ذلك بالإعلان عن تشكيل لجنة يترأسها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات وآخرون من اللجنة والجهات ذات العلاقة، لتحديد آلية تنفيذ القرار على مراحل.
واستبعد مراقبون أن يُطبَّق ما أعلن عنه عباس بشأن وقف العمل بالاتفاقات مع الاحتلال، منتقدين تشكيل اللجنة، بسبب تمسك السلطة بالتنسيق الأمني مع (إسرائيل).
الكاتب والمحلل السياسي من الخليل خالد العمايرة استبعد إمكانية تنفيذ ما أعلن عنه عباس على أرض الواقع.
ورأى العمايرة خلال حديثه مع "فلسطين" أن هذا الإعلان "لا تستطيع السلطة تنفيذه، إنما هو للاستهلاك المحلي"، مستدلاً بتصريحات مسؤولي السلطة التي تتحدث عن أن التطبيق سيكون على مراحل.
وأوضح العمايرة أن أحاديث بعض مسؤولي السلطة تشي بعدم وجود رغبة حقيقية للتحلل أو التنصل من الاتفاقيات "لأن إلغاءها يعني انتهاء السلطة".
وأضاف: "وجود السلطة ترجمة عملية لاتفاق أوسلو، لذلك لن تستطيع الانفكاك من التواصل مع الاحتلال"، مشيراً إلى أن الشارع الفلسطيني لا يثق بالسلطة ولا بتصريحات مسؤوليها.
ولم يطبَّق أي من بنود الإعلان حتى الآن، سوى الاكتفاء ببعض التصريحات من مسؤولي السلطة وحركة فتح، كان آخرها ما قاله عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بسام الصالحي: "لجنة وقف العمل بالاتفاقيات مع (إسرائيل) ستعمل بأكبر قدر من الفاعلية، دون مبالغات إعلامية".
وعلّق العمايرة على تصريح الصالحي قائلاً: "منظمة التحرير خاضعة للاحتلال، ولا تملك أي من أمرها شيئا".
بدوره شكك المحلل السياسي سامر عنبتاوي بجدوى إعلان عباس وقف الاتفاقات وقطع العلاقات مع (إسرائيل)، خاصة في ظل عدم تمهيد السلطة لهذا الأمر مسبقاً.
وقال عنبتاوي خلال حديثه مع "فلسطين": إن السلطة وفصائل منظمة التحرير في مأزق حقيقي، لذلك ممارسات الاحتلال تتطلب فعلاً فلسطينياً قوياً.
ورأى أنه لا جدوى من تشكيل لجنة مختصة في بحث هذا القرار وتأجيله لمراحل قادمة، "فقطع العلاقة مع الاحتلال يحتاج لتنفيذ عملي أكثر من مسألة تشكيل لجنة".
وأضاف: "يجب أن تكون هناك مكاشفة شعبية بين جميع مكونات الشعب الفلسطيني للخروج بموقف شعبي ورسمي موحد"، مؤكداً أن تشكيل اللجنة بعيداً عن مشاركة فصائل وشخصيات فلسطينية غير منضوية تحت منظمة التحرير يفقدها مصداقية التنفيذ الفعلي.
وبيّن أن الغرف المغلقة بالانعزال عن الشعب ستؤدي إلى قضايا ليست في مصلحة الفلسطينيين، مشدداً على أن "القاعدة الشعبية أمر مهم لمواجهة إجراءات الاحتلال".
وشدد على ضرورة التحلل الفعلي من الاتفاقات وليس الحديث عبر وسائل الإعلام فقط، من خلال بناء خيارات عدّة في العمق العربي ومواجهة جرائم الاحتلال.
وطالب عنبتاوي السلطة بضرورة إشراك القاعدة الشعبية وخبراء في القانون الدولي والاقتصادي، ثم التوجه للبعد العربي لوضع شبكة من الأمان للمستويات السياسية في الأراضي الفلسطينية.
وسبق أن قرر المجلس المركزي في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2018 إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية كافة تجاه اتفاقاتها مع (إسرائيل).