فريدمان سفير واشنطن في دولة الاحتلال. فريدمان صهيوني أكثر من اليهود أنفسهم. ولأنه كذلك شتمه محمود عباس يوما وقال عنه ( ابن الكلب). ابن الكلب هذا له علاقات حميمة مع المملكة ودول الخليج. وابن الكلب هذا صاحب قرار نافذ في الإدارة الأميركية، ولأنه كذلك فهو لا يناور، ولا يجامل، وآخر تصريحاته التي تحمل فيروس داء الكلب أن الإدارة الأميركية لا تؤمن بحل الدولتين، ولا بحل الدولة الواحدة، وترى أن الحل الممكن هو الحكم الذاتي المدني، الذي يمتد إلى عند بداية الأمن الإسرائيلي.
هذه الرؤية هي التي نادى بها جابوتنسكي قبل قيام دولة الاحتلال، وأكد عليها بيغن وشامير في أثناء حكمهما، وهي الإطار الذي يتحرك فيه نيتنياهو والليكود، وهذه الرؤية اليمينية المستقرة عند اليمين ثابتة لا تتغير بتغير الزعماء، وكانت جلية واضحة عند محمود عباس قبل توقيع أوسلو، وقد جلّتها له مباحثات التفاوض عبر السنوات الماضية، وكان يكابر ويزعم أنه سيأتي بالدولة، وأن أوراق اللعبة بيد أميركا لا بيد شعبه؟! اليوم ينتهي فلم المسخرة عند البداية التي كتب سطورها جابوتنسكي؟!
نعم، يمكن لعباس أن يرفض هذه الرؤية، وأن يصف فريدمان، وترامب، بما يريد من الأوصاف، لكنه لا يستطيع استرجاع ما فات من سنوات من حياة الشعب الفلسطين، الذي يجمع اليوم على أن المفاوضات كانت مناورة إسرائيلية أميركية ناجحة، في تثبيت الأمر الواقع، وقص أجنحة منظمة التحرير، وفتح، والمقاومة، وتقسيم الشعب، وتعديد مشاريع العمل الوطني، واللعب على التناقضات الداخلية، وتوسيع شبكة العملاء والمستفيدين من التنسيق الأمني، والتسهيلات الصهيونية.
اليوم عباس يرفض لقاء أميركا( حسنا)، ويشكل لجنة لدراسة آليات وقف العمل بالاتفاقات مع (إسرائيل)، واللجنة لم تخرج عن الصف القيادي في فتح والمنظمة، وحزب الشعب وفدا، وجميعهم جزء من المشكلة الراهنة للأسف، وبينما هو يحاول امتصاص غضب الشعب الفلسطيني بعد هذه السنوات العجاف، وهذا المآل المسخ، هذا المآل المسخ لم ينتهي عند هذا الحدّ، حيث تعمل الإدارة الأميركية والإسرائلية على تجاوز المنظمة والشعب الفلسطيني، من خلال دعوة قادة العرب لكامب ديفيد في توقيت يسبق الانتخابات الإسرائيلية والأميركية لاستكمال مؤتمر البحرين، واستعراض مكونات صفقة القرن؟!
وهنا نسأل هل سيشكل عباس لجنة لدراسة ذهاب أميركا للقادة العرب، وإهماله، وإهمال الشعب الفلسطيني، ومن ثم فرض ما يسمى بالحل الإقليمي الاقتصادي الحامل لمشروع الحكم الذاتي، أم ماذا سيفعل، ليته يطلعنا على أفكاره؟!