قائمة الموقع

"شريان حياة" اللاجئ زياد عارف مُهدَّد بـ"إجازة العمل" في لبنان

2019-08-01T12:46:00+03:00
صورة أرشيفية

يترقب اللاجئ الفلسطيني في لبنان زياد عارف، مصير مؤسسته التي تعمل منذ 20 عامًا في مجال السيراميك والبورسلان، بعدما أمهلته وزارة العمل اللبنانية شهرا للحصول على "إجازة العمل"؛ في خطوة هي الأولى من نوعها، إثر قرار مثير للجدل اتخذه وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان.

"هاي الأوراق ما بتلزمني.. في ورقة اسمها إجازة العمل"؛ صُدِم عارف، الذي ينحدر من الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة، من كلام مفتش وزارة العمل اللبنانية الذي لم يكتف بالأوراق الثبوتية للمؤسسة في منطقة ضهر العين قضاء الكورة، شمال لبنان.

رد عارف على مفتش وزارة العمل، وفق ما يروي لصحيفة "فلسطين"، بقوله: "المؤسسة مسجلة وعندي سجل تجاري وكل شي، أما إجازة العمل ما بنعرف عنها شي وما بتطلعلنا ولا نحنا بنطلبها".

ومنذ 71 سنة نعرف أن إجازة العمل للأجنبي وليست للاجئ- أوضح عارف لمفتش وزارة العمل- ونحن لاجئون، لكن المفتش أجابه: "لا بدك إجازة عمل، وما بمشي الحال".

ويبدي عارف مخاوفه من أن تعني إجازة العمل إلغاء لجوء الفلسطيني في لبنان، عبر التعامل معه كأجنبي شأنه شأن أي وافد مصري أو سوري من أي دولة عربية أو أجنبية.

وهذه هي المرة الأولى التي تطلب فيها السلطات في لبنان إجازة عمل من أي من اللاجئين الفلسطينيين، الذين يبلغ عددهم 174.422 لاجئًا –حسبما أعلنت المديرة العامة لدائرة الإحصاء المركزي اللبناني د.توتليان غيدانيان في 2017- في وقت يقول مراقبون: إن هذا الإحصاء شمل اللاجئين في المدن دون المخيمات، والعدد أكبر من ذلك.

وتُمنح إجازة العمل لكل سنة على حدة، والحديث لعارف، الذي يضيف: ماذا لو قيل لنا بعد سنة: لا يمكن استخراج إجازة عمل لكم؟ فإذا كان السوري على سبيل المثال منح إجازة عمل لأول ثلاث سنوات ثم قيل له: أقفل مؤسسات وغادر إلى بلدك، ماذا عنا نحن اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من بلدنا؟

"اشتغلنا بعرقنا وتعبنا وجهدنا ورزقنا الله"؛ بهذه الكلمات يعبر اللاجئ عارف عن مشواره الطويل في بناء مؤسسته.

ويقطن عارف مع أسرته في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين بشمال لبنان، ويشير إلى أن هؤلاء اللاجئين محرومون من العمل في نحو 70 مهنة، فيما يؤكد أن مؤسسته تعمل تحت سقف القانون اللبناني، وتملك الأوراق الثبوتية بالكامل.

لكن المسألة لا تتعلق فقط بمؤسسات لاجئين فلسطينيين، بل بالعمال الفلسطينيين اللاجئين أيضًا الذين إذا كانوا يعملون يتوجب أن يدفعوا للضمان الاجتماعي الذي لا يستفيدون منه، فاللبناني يدفع مثلا للضمان ويستفيد ويحصل على نهاية خدمة، بينما يدفع الفلسطيني أكثر من 25% ويستفيد تقريبا 11% هي نهاية خدمة، بمعنى أنه يخسر؛ وفق اللاجئ عارف.

ومن مخاطر طلب "إجازة العمل" من اللاجئين الفلسطينيين – يتابع عارف- أنه سيدفع أصحاب المشاريع في لبنان إلى العزوف عن تشغيل العمال الفلسطينيين لحاجتهم إلى إجازة عمل.

الشمع الأحمر

انتهى الحال بمؤسسة عارف بإغلاقها بالشمع الأحمر، ثم أعيد فتحها مؤقتا تحت سقف مهلة شهر، وإذا لم يقدم للحصول على إجازة عمل فستقفل من جديد، وفق إفادته.

ويقول اللاجئ إنه ينتظر ما ستسفر عنه مباحثات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في هذا الموضوع، وأنه سيكون أمام احتمالين: إقفال المؤسسة أو الاضطرار لإجازة العمل.

ويشار إلى أن رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني د. حسن منيمنة قال في حوار سابق مع صحيفة "فلسطين": إن حل المسألة يكمن في إصدار مرسوم تنظيمي لقانون عمالة الأجانب في لبنان الصادر في 2010، الذي استند إليه الوزير أبو سليمان.

وإذا أغلقت المؤسسة فهذا يعني أن 11 أسرة عامل فلسطيني فيها ستفقد مصدر دخلها، إضافة إلى أسرة عارف المكونة من تسعة أشخاص.

وسيكون أبناء عارف الذين يدرسون في الجامعات والمدارس أمام مستقبل مجهول إثر ذلك، في ظل حاجتهم لمصاريف كبيرة.

ولا يعرف عارف ماهية "تسهيلات" التي تحدّث عنها "أبو سليمان" بشأن إجازات العمل.

ويشدد عارف على أن اللاجئين الفلسطينيين لا يتدخلون أبدًا في الشؤون الداخلية اللبنانية، وإنما يطالبون بحقهم المدني الإنساني، وكل تحركاتهم الشعبية هي حضارية وسلمية.

بيد أن ما يزيد الطين بلة هو كون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا –بحسب اللاجئ الفلسطيني- "ما عم تخدمنا نهائيا".

ويضرب على ذلك مثلا بقوله: "لما تروح تتحكم وانت معك قلب بيعطوك حبة بندول (لوجع الرأس)... نحن ما عنا خدمات".

ويلجأ اللاجئون الفلسطينيون إلى جمع التبرعات فيما بينهم لإغاثة المرضى الذين يحتاجون إجراء عملية علاجية مثلا، كما يفيد عارف، مشيرا إلى غياب لخدمات أونروا بنسبة قدرها بـ95%.

ويتوق عارف، حاله كحال كل اللاجئين الفلسطينيين، إلى العودة إلى أراضيهم في فلسطين المحتلة، إذ يقول: "عندي تراب فلسطين بسوا (يساوي) الدنيا كلها، ولو برجع على بلدي ما بدي شي لا مؤسسات ولا أي شي".

ويرفض عارف بشدة كل مشاريع ما يسمى "التوطين" أو "الوطن البديل"، مؤكدا أن فلسطين هي وطن الفلسطينيين، وكرامتهم، التي لا يمكن أن يبيعوها أبدًا ولو بمال الدنيا كله.

لكن في انتظار تحقق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، تتصاعد مخاوف فلسطينية من التضييق على هؤلاء اللاجئين لا سيما في هذا الوقت الذي تطرح فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما تسميه "صفقة القرن" لإنهاء القضية الفلسطينية.

ويُقدِّر مراقبون عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا إلى الهجرة غير النظامية عبر البحر انطلاقًا من سوريا ولبنان بالمئات، وقد تعرض بعضهم للغرق.

اخبار ذات صلة