الأونروا مؤسسة وليست أفرادًا. إنها وكالة دولية لتشغيل اللاجئين ورعايتهم لحين عودتهم لديارهم. المؤسسة أُنشِئت بموجب القرار الأممي 302 – 1949 بعد النكبة الفلسطينية، واحتلال اليهود فلسطين. المؤسسة الدولية أدارت رعاية ومساعدة 58 مخيما فلسطينيا خلال السنوات الماضية. موازنة الأونروا السنوية تأتي من مجموعة غنية من دول العالم، هي أمريكا وسويسرا وهولندا ودول أوروبية أخرى، إضافة إلى السعودية والإمارات.
يمكن تقييم الفترة الماضية حتى تاريخه بالقول إن الأونروا قدمت خدمات جيدة للفلسطينيين في المعيشة والعمل والتعليم والرعاية الصحية والخدمية، وفي الوقت نفسه قدمت خدمات مقابلة للإسرائيليين، حيث بنت دولة الاحتلال الدولة والجيش والاقتصاد، في ظل أعمال الأونروا الإنسانية، وفي ظل المخدرات العربية عن التحرير.
اليوم فيما يبدو وصلت الأونروا إلى نهايتها في الإستراتيجية الصهيونية، كمؤسسة تحافظ على حقوق اللاجئين بموجب القرار الأممي، لذا قررت الصهيونية تصفية الأونروا من الوجود، بحرمانها من الموازنة المالية القادمة إليها من تبرعات الدول الغنية. وبناء على الموقف الصهيوني أوقفت أمريكا تبرعاتها للأونروا وقفا كاملا، وضغطت على دول أوروبا لوقف تبرعاتها، وفي سياق هذه الضغوط نشرت الصهيونية تسريبات تتحدث عن فساد أفراد من قادة الأونروا، وفي إثر التقرير المسرب عن تحقيقات لم تنشر بعد علقت سويسرا وهولندا تبرعاتهما، وهي بقيمة 33 مليون يورو سنويا.
إن تعليق هاتين الدولتين مساعداتهما فيه مجانبة للصواب، حتى مع وجود فساد، لأن الفساد يتعلق بذمم أفراد، لا بذمة مؤسسة كبيرة. والتعليق فيه عقاب للاجئ المستفيد من الخدمة، وليس للموظف الفاسد. وحين يفسد وزير أو رئيس وزراء في هذه الدول لا يعاقبون الشعب بل يستبدلون الفاسد، وينتهي الأمر بمحكمة. ونحن نؤيد محاكمة من يفسد من قادة الأونروا.
إن تعليق المساعدات السويسرية والهولندية يهدد العام الدراسي الجديد، ويهدد مجموعة من الخدمات الرئيسة التي تقدمها المؤسسة للاجئين، لذا نناشد هاتين الدولتين لإعادة النظر في قرارهما، والعمل على محاكمة الفاسدين، ونناشدهما لعدم الخضوع للضغوط الأمريكية والصهيونية، حيث من الصعب على الأونروا تعويض هذه المساعدات من مصادر أخرى، لا سيما بعد الموقف السياسي المؤسف الذي اتخذته أمريكا في العام المنصرم.